الأخبارمستجدات

قراءة في خطاب العرش.. الملك محمد السادس يخصص جزءا مهما للعلاقات مع الجزائر

الخط :
إستمع للمقال

خصص الملك محمد السادس ضمن خطابه يوم أمس السبت، بمناسبة عيد العرش جزءا مهما للعلاقات المغربية الجزائرية، حيث استعرض الوضع الحالي لهذه العلاقات، وما يشوبها من خلافات وتوترات ينبغي تجاوزها.

وقال الملك محمد السادس ضمن الخطاب إن “المغرب والجزائر أكثر من بلدين جارين، إنهما توأمان متكاملان”.

وفي هذا الإطار، جدد الملك دعوته الصادقة للأشقاء في الجزائر للعمل سويا، دون شروط مسبقة، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار.

ومن هنا، فإن التعبير عن هذا الموقف الملكي الصريح، في خطاب العرش، بما يحمله من دلالات، وما له من مكانة متميزة ضمن الخطب الملكية، هو إعلان رسمي أمام شعوب المنطقة، وأمام العالم، بالتزام جلالته من أجل بناء علاقات أخوية متينة بين بلدين جارين وشعبين شقيقين.

وقد كان الخطاب الملكي ليوم أمس، تعبيرا واضحا وصادقا في مضمونه، لا يحتمل أي تأويل، لأنه مباشر ونابع من القلب، ومن إيمان وقناعة الملك، بضرورة طي هذا الملف، وتسوية العلاقات بين البلدين، والتوجه نحو التكامل والاندماج، الذي يعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة، بدل إهدار الوقت والطاقات التي ترهن مستقبل المنطقة وشعبها.

وبهذا نؤكد أن مبادرة الملك محمد السادس هذه، نابعة من قناعة صادقة وراسخة لديه، وبأن العلاقات بين بلدين جارين، كالمغرب والجزائر، يجب أن تكون طبيعية، وفي مستوى رصيدهما التاريخي المشترك، وأن تستجيب لتطلعات الشعبين لتوطيد ما يجمعهما من وحدة الدين واللغة والمصير المشترك.

وبخصوص الوضع الحالي، بين المغرب والجزائر، أكد الملك أن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضيه، وليس في مصلحة الشعبين، وغير مقبول من طرف العديد من الدول.

ولهذا، فحسب الملك محمد السادس، فالجغرافيا لا يمكن أن تتغير، بحيث أن الحدود المفتوحة، هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، لأن الإغلاق يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصيل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي.

ويتعلق الأمر هنا بحق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين الدول، وخاصة بلدان المغرب العربي، التي لها من المؤهلات ما يجعلها فضاء مندمجا، يسوده التعاون والتضامن والإخاء، والتي من المنطقة أن توجه طاقاتها لرفع التحديات الأمنية والتنموية المشتركة.

ويشار إلى أن هذه ليست المرة الأول، التي يتطرق فيها الملك محمد السادس، منذ توليه العرش لهذه المسألة، حيث ما فتئ يدعو لإقامة علاقات سليمة وقوية مع بلدان الاتحاد المغاربي، وخاصة مع الجزائر، إذ دعا صراحة ورسميا لفتح الحدود، سنة 2008، وأكد على ذلك عدة مرات، وفي العديد من المناسبات.

ولأن الملك محمد السادس، ليس مسؤولا عن قرار إغلاق الحدود، كما هو شأن الرئيس الجزائري الحالي وحتى السابق، ركز على مسؤولية قيادة البلدين، سياسيا وأخلاقيا، على استمرار الإغلاق، أمام الله وأمام التاريخ وأمام المواطنين.

ويبدو من خلال مبادرات الملك محمد السادس الهادفة لتجاوز الخلافات الظرفية وحل الخلافات الموضوعية، رغم الاعتداءات والمناورات المتواصلة والمتكررة ضد مصالح المغرب، وعدم وجود آذان صاغية لذلك، وأنه يحرص على مواصلة سياسة اليد الممدودة، قصد تسوية العلاقات بين البلدين.

في هذا السياق، أكد الملك في التزام علني ورسمي، صادق وواضح للأشقاء في الجزائر أن “الشر والمشاكل لن تأتيكم من المغرب، كما لن يأتيكم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا”.

وردا منه على ما تروج له بعض وسائل الإعلام بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر إلا الشر والمشاكل، شدد الملك محمد السادس على أن هذه الخطاب لا يمكن أن يصدقه أحد، خاصة في عصر التواصل والتكنولوجيات الحديثة.

وقد أكد على ذلك بصريح العبارة عندما قال إن ‘الشر والمشاكل لن تأتيكم من المغرب، كما لن يأتيكم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا”.

وفي نفس السياق، أضاف الملك، “لذلك نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره. والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر، لأنهما كالجسد الواحد”.

لهذا دعا الملك محمد السادس ضمن خطاب عيد العرش، بعدما استعراض المشاكل الحقيقية التي تواجه البلدين، والمتمثلة في الهجرة والتهريب والمخدرات والاتجار في البشر، إلى العمل سويا على محاربتها، لأنها هي عدونا الحقيقي والمشترك.

وفي موقف يترفع عن الخلافات والمزايدات العقيمة، عبر ملك البلاد عن أسفه بخصوص ذلك قائلا “نتأسف للتوترات الإعلامية والدبلوماسية التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تسيء لصورة البلدين وتترك انطباعا سلبيا، لاسيما في المحافل الدولية”.

وفي ذات السياق، دعا الملك إلى “تغليب منطق الحكمة والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين شعبينا”.


وفي الختام أكد الملك محمد السادس أن ” المغرب والجزائر أكثر من بلدين جارين، إنهما توأمان متكاملان”، ولن يكتمل هذا الارتباط العضوي، إلا إذا حسنت الإرادات، وتم التخلي عن أطروحات الماضي، والتوجه نحو المستقبل، بكل صدق وحسن نية، لما فيه مصلحة شعوب المنطقة المغاربية وشركاؤها، والفضاء الأورو-متوسطي والإفريقي عموما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى