قصوري: الجزائر التي تتاجر بالقضية الفلسطينية علقت الأنشطة الرياضية خوفا من أن تتحول الاحتجاجات للمطالبة بإسقاط نظام العسكر

أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، في بيان نشره على موقعه الرسمي أول أمس الأربعاء، أنه قرر تعليق جميع الأنشطة الرياضية المتعلقة بكرة القدم حتى إشعار لاحق، وذلك “تعبيراً عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الشقيق المقاوم، واحتراما لذكرى الشهداء الأبرار، وضحايا الاعتداءات الصهيونية الوحشية التي ارتكبت في قطاع غزة ضد السكان في فلسطين المحتلة”.
ويأتي ذلك في سياق تصاعد الأوضاع في قطاع غزة المحتلة وفي ظلّ حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وآخرها مجزرة المستشفى المعمداني، الثلاثاء المنصرم، التي أدّت إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني.
وتعليقا على ذلك؛ أوضح المحلل السياسي ورئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المرجعية، إدريس قصوري، في تصريح لـ”برلمان.كوم“، أن هذا القرار الجزائري جاء كخطوة استباقية تخوفا من أن تتحول المظاهرات الداعمة لفلسطين إلى تظاهرات احتجاجية على النظام الجزائري ومطالب بإسقاط النظام العسكري وإقامة دولة مدنية.
خلط وتضليل
وكقراءة في دلالات توقيف الجزائر للدوري الرياضي؛ اعتبر الأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني، أن “المواقف على مستوى الأفراد ومستوى الرياضيين في قضايا سياسية قد تكون مقبولة وعادية وطبيعية؛ أما أن تكون المواقف السياسية من طرف الدولة ويتم خلط السياسة بالرياضة فهذا شيء مرفوض وهذا دائما ينم عن طبيعة عصابة العسكر التي لا تميز بين السياسة والرياضة”.
وأوضح قصوري أن النقطة الثانية التي يمكن استنباطها من هذا القرار “هي التضليل السياسي؛ فالكابرانات وعصابة الجزائر دائما كانوا يُطَبِّلون بأنهم مع القضية الفلسطينية وهم الذين يدافعون وينافحون عنها دائما وأبدا، واستغلوها ووظفوها بشكل كبير”، مبرزا أن الجزائر “اليوم تستغل نقطة الرياضة بطريقة سلبية، وهي تُضلِّلُ الرأي العام الفلسطيني والرأي العام الدولي بأنها تدعم فلسطين من خلال توقيف البطولة، وهذا شيء يتسم بأبشع طرق التضليل السياسي من خلال خلط السياسة بالرياضة”.
وتابع ذات المحلل أنه “اليوم تتعرى أسطوانة نظام العسكر الجزائري، وتظهر الحقيقة وتسقط جميع الأقنعة، لأنه لم يستطيع أن يدعم القضية الفلسطينية ولو بالشعارات ولو بالدعم الرمزي من خلال ترك المجال للجماهير بالملاعب كي تعبر عن نفسها على الأقل كي يشكِّل صوتا داعما رمزيا للقضية الفلسطينية حتى يوصل صداه إلى الجهات المعنية والدوائر الدولية لعلها تضغط في اتجاه وقف الزحف الصهيوني نحو غزة ووقف هذه المجازر الوحشية”.
ووصف المتحدث الوضع الحالي في قطاع غزة بأن “هذه الأخيرة الآن تموت وتُقهر وتُحَطَّم وتُدَمَّر بلا ماء ولا كهرباء ولا مؤونة، والأطفال والنساء والشباب يموتون، المستشفى يُدَمَّر عن آخره، والأطقم الطبية والصحفية كلهم يُقتلون.. هي مجزرة بشعة تاريخية غير مسبوقة والجزائر تتفرَّج ولم تسمح للجمهور الجزائري بالخروج للشارع كي يعبر عن احتجاجه، بل منعته ووضعت الترسانة الأمنية في الطرقات لتعيق تجمهر المواطنين، وكذلك أوقفت الحافلات والقطارات وكل شيء من أجل منع الجماهير من التعبير عن دعمها للقضية الفلسطينية”.
قمع وخوف
وفي هذا السياق؛ اعتبر قصوري أن الحكام في الجزائر “يخشون خروج الجمهور للتنديد بالأوضاع التي تعرفها غزة- وقد لا يتحكمون في تداعيات خروج الجمهور- ولا يريدون أن يألف الجمهور الجزائري الخروج للشارع للتعبير عن نفسه من خلال التضامن، ويخشون أن تتحول مسيرات أو وقفات التعبير عن التضامن الرمزي مع فلسطين إلى تظاهرات ضد النظام والعسكر الجزائري”.
وأضاف الخبير السياسي، في ذات التصريح، أن حكام الجزائر “يخافون أن يَتَوَحَّدّ الجزائريون ضد النظام وبالتالي يعود الحراك الجزائري كما كان في السابق”. مفسرا أنه “لهذا فهم الآن استبقوا الأمر وقرروا منع كل صوت يمكن أن يخرج للشارع ومنع تجمهر الجماهير وتوحدها”.
وبناء على كل ما سبق؛ خَلُصَ إدريس قصوري إلى أن “كل هذه الأبعاد والخلفيات هي التي جعلت الجزائر توقف البطولة الرياضية وتضلل الرأي العام، فعصابة الخوف لا يمكن أن تُدَعِّم النضال ولا أن تُدَعِّم المقاومة حتى بالحد الأدنى من ترك الجماهير تعبر عن نفسها فهي تقمع نفس الشعوب ومشاعر شعبها خوفا من أن يتحوَّل هذا إلى قوة ضدها هي”، مضيفا أنه بذلك “اتضح اليوم بهتان الجزائر وسقط قناعها وهذا ما نسجِّله للتاريخ ضد عصابة تبون وشنقريحة”.
كما أشار المتحدث إلى أن “المغرب الذي يتحدثون (الجزائر) عنه بأنه يطبِّع؛ خرجت فيه مسيرة مليونية في الرباط وخرجت عدة مسيرات طيلة الأيام الماضية في كُبريات المدن المغربية، وعدد كبير من المدن المغربية خرجت وعبَّرت عن نفسها بالنهار وبالليل وبأريحية دون أدنى مشاكل، واعتُبِر المغرب والشعب المغربي من أولى الدول والشعوب الأكثر دعما للقضية الفلسطينية.




