إقتصادالأخبارسياسةمستجدات

“كوب22″، المغرب وافريقيا، اقتراع 7 أكتوبر، أبرز الأحداث التي ميزت 2016

الخط :
إستمع للمقال

شهد المغرب خلال سنة 2016 التي تغرب شمسها بعد حين، سلسلة من الأحداث، تركت بصماتها على الساحة الوطنية وبقيت عالقة في ذاكرة المغاربة بإجابياتها وسلبياتها، كانت لبعضها أبعاد دولية وإقليمية ساهمت في الرفع من أسهم المغرب في أعين العالم، وفي مقدمتها القمة العالمية للمناخ “كوب 22” التي احتضنتها مراكش، وكذا الاختراق الدبلوماسي الذي حققته المملكة في افريقيا والذي سوف تكوت إحدى نتائجه عودة المغرب إلى احتلال مقعده بالاتحاد الإفريقي .

ومن بين أهم أحداث هذه السنة أيضا، استحقاق سابع أكتوبر لانتخاب مجلس النواب، وارتفاع درجة اليقظة الأمنية في إطار ترسيخ المقاربة الاستباقية في مواجهة الإرهاب، فضلا عن أحداث أخرى، نذكر منها الوفاة المأساوية لسماك الحسيمة محسن فكري، وارتفاع الحراك الاحتجاجي على خلفية مطالب اجتماعية ومهنية في ظل تراجع واضح لأداء الاقتصاد الوطني وارتفاع معدل البطالة.

قمة المناخ بمراكش، ملتقى عالمي ساهم في تسويق المغرب بالخارج

القمة العالمية للمناخ المعروفة بـ”كوب22″ ، كانت بدون منازع أبرز الأحداث ذات البعد الدولي، التي شهدها المغرب في 2016. هذه القمة التي عبأت لها المملكة طاقات ضخمة وربحت فيها رهان التنظيم والأمن وتسويق ما تزخر به مراكش الحمراء بحمولتها التراثية ومعالمها التاريخية، امتدت على مدى ثلاثة أسابيع (7-18 نوفمبر) وتميزت بحسن التنظيم والتدبير الأمني.

“كوب22″، الذي هو النسخة 22 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي، شاركت فيه 196 دولة ممثلة بنحو 30.000 مشارك من بينهم العديد من رؤساء الدول ونحو 8000 شخص يمثلون منظمات المجتمع المدني وزهاء 1500 صحافي من مختلف أنحاء العالم.

وتميز “كوب 22” ، الذي أتى بعد “كوب 21” الذي عقد سنة 2015 بباريس، بتنزيل مضامين اتفاق باريس، الذي وقّعت عليه كل الوفود البالغ عددها 196، بشأن خفض الاحترار العالمي إلى أقل من درجتين.

ومن بين أهم منجزات القمة اتخاذ حزمة من التدابير العملية ،خاصة ما يتعلق بإيجاد التمويل بملايير الدولارات لدعم التكنولوجيا النظيفة، وبناء القدرات لمتابعة تنفيذ خطط التغير المناخي، ومبادرات أخرى لتعزيز الأمن المائي والغذائي في الدول النامية.

كما احتضنت مراكش في إطار هذا الملتقى العالمي قمة إفريقية جمعت
نحو 30 من رؤساء الدول والحكومات برئاسة الملك محمد السادس تمحورت حول المفاوضات بشأن المناخ الإفريقي باعتبار أن افريقيا تعد من أكثر المناطق المهددة بالعالم من الاحترار المناخي.

الاختراق الدبلوماسي لإفريقيا تمهيدا لعودة المغرب للاتحاد الافريقي

اهتمام المغرب بإفريقيا ليس جديدا، لكن الجديد هذه السنة هو تكثيف التحرك الدبلوماسي للمملكة على مستوى القارة، تحرك يقوده الملك شخصيا تنفيذا لاستراتيجية واضحة المعالم، ترجمها على الأرض بزيارات مكوكية للعديد من العواصم الإفريقية، حاملا لقادة هذه الدول وشعوبها حزمة من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية المدروسة والجاهزة للتنفيذ، تقوم على رؤية جديدة للتعاون “جنوب-جنوب” بصيغة “رابح-رابح”.

وكان آخر هذه الشركات ذات البعد الاستراتيجي، التي انخرط فيها بقوة القطاع الخاص إلى جانب مؤسسات القطاع العام، التوقيع خلال زيارة الملك الأخيرة لأبوجا في مستهل دجنبر الجاري، لاتفاقية حول انجاز خط أنابيب نقل الغاز من نيجيريا إلى المغرب مرورا بعشر دول من غرب افريقيا، وهو مشروع ضخم سيتكلف استثمارات تقدر بنحو 25 مليار دولار وأثره سيكون كبيرا على اقتصاديات الدول التي سيمر منها.

كما تقرر وفي إطار هذه الاستراتيجية الافريقية، أن تكون سنة 2016 سنة عودة المغرب لشغل مقعده داخل منظمة “الاتحاد الافريقي”، قاطعا بذلك مع سياسة “المقعد الفارغ” التي نهجها مضطرا سنة 1984 عندما انسحب من منظمة الوحدة الافريقية، بعد أن تمكنت الجزائر بمعية الجوقة التي كانت تدور في فلكها من فرض صنيعتها “الجمهورية الصحراوية”.

خطة العودة إلى المنظمة الافريقية بدأت في يوليوز الماضي برسالة ملكية ذات حمولة إفريقية قوية إلى رئيس القمة الإفريقية، رئيس تشاد، خلال انعقاد قمة الاتحاد بكيغالي عاصمة رواندا. إذ سرعان ما أيدت المبادرة الملكية وبارتكها العديد من البلدان الإفريقية بلغت في البداية 28 دولة، حيث وقعت بيانا يدعو إلى طرد انفصاليي “البوليساريو” من المنظمة وطرح طلب عودة المغرب إلى المنظمة على التصويت.

وعلى الرغم من ضغوطات الجزائر واللوبي الذي يدور في فلكها ومناورات رئيسة مفوضية الاتحاد “زوما”، فقد استطاع الطلب المغربي أن ينال تزكية غالبية الدول الافريقية، بحيث فاق عددها الأغلبية النسبية التي يتطلبها النظام الداخلي للاتحاد الإفريقي.

ومن المنتظر أن يتم الحسم في الطلب المغربي خلال القمة المقبلة في نهاية يناير القادم بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، التي كانت ضمن عواصم بلدان شرق افريقيا التي شملتها الجولة الملكية خلال الشهور الأخيرة من هذه السنة وتميزت بالتوقيع على العديدة من اتفاقيات التعاون والشراكة في قطاعات استراتيجية على رأسها قطاع الفوسفاط ،الذي شهد إطلاق مشروع بناء منصة مندمجة لإنتاج الأسمدة باستثمار إجمالي يصل إلى 3.7 مليار دولار.

اقتراع سابع أكتوبر بما عرفه من شفافية ونزاهة وضع التجربة الديمقراطية على الطريق الصحيح

تميز المشهد السياسي المغربي خلال 2016 بالانتخابات التي شهدتها المملكة في السابع من أكتوبر لاختيار أعضاء مجلس النوب الـ395، وهي الاستحقاقات التي مرت في أجواء من النزاهة والشفافية، كما شهدت بذلك تقارير مئات المراقبين الوطنيين والأجانب ممثلين لعشرات الجمعيات الحقوقية، والذين واكبوا أطوار هذه الاستشارة الشعبية، منذ انطلاق الحملة الانتخابية وإلى غاية إعلان النتائج.

الحملة الانتخابية، التي تميزت باحتدام الصراع بين حزب “العدالة والتنمية” وغريمه اللدود “الأصالة والمعاصرة” وشهدت معركة تكسير العظام وتبادل أشكال غير مسبوقة من القذف والاتهامات بين المتنافسين، أسفرت نتائجها غداة الاقتراع عن العديد من المفاجآت خالفت توقعات العديد من المحليين والمتتبعين للشأن السياسي المغربي.

أولى المفاجأة كانت تصدر حزب المصباح نتائج الاقتراع بـ 125 مقعدا، تلاه في المرتبة الثانية غريمه حزب الجرار بـ 105 مقعدا، فيما تمثلت المفاجأة الثانية في تراجع أغلب الأحزاب التي كانت تتصدر المشهد السياسي في الاستحقاقات السابقة، خاصة الاستقلال والتجمع الوطني للاحرار والاتحاد الاشتراكي، مما خلف إحباطا وتململا في صفوف مناضليهم.

الخريطة السياسية الجديدة التي خلقت نوعا من القطبية بين حزب الإسلاميين ذو المرجعية الدعوية وحزب الأصالة الحديث العهد نسبيا وصاحب المشروع الحداثي الديمقراطي، بعثرت الأوراق وخلقت ضبابية في المشهد السياسي، مما عقد عمليات التحالفات في أفق تشكيل حكومة جديدة يقودها للمرة الثانية “البيجيدي” في ظل دستور 2011، بعد حكومة 2012.

ولعل هذه البلقنة للخريطة السياسية، هي التي ما زال تلقي بظلالها على المرحلة الحالية وتساهم في المزيد من الاحتقان والتجاذبات مما صعب مهمة عبد الاله ابن كيران المكلف من قبل الملك منذ حوالي 90 يوما لتشكيل تحالف حكومي منسجم، مهمة أصبحت تبدو وكأنها مستحيلة بسبب تعنت بنكيران وإصراره على إشراك حزب الاستقلال، الأمر الذي يرفضه رفضا باتا رئيس الأحرار عزيز أخنوش كشرط ليشارك حزبه في هذا الائتلاف.

الشأن السياسي تميز كذلك قبل مغرب عام 2016 بالأزمة الدبلوماسية التي كاد يشعلها أمين عام حزب الاستقلال حميد شباط بسبب تصريحات هوجاء تحدث فيها عن تبعية الأراضي الموريتانية تاريخيا إلى المغرب. ولولا تدخل الملك في اتصال بالرئيس ولد عبد العزيز لطمأنته وتوضيح موقف المغرب، لسارت الأمور في اتجاه أكثر تعقيدا في ظل ظرفية إقليمية دقيقة لا تحتمل مقل هذه “العنتريات” .

 سياسة استباقية أجهضت مخططات إرهابية وأدت إلى تفكيك 19 خلية جهادية

على الصعيد الأمني تميزت 2016 بيقظة أمنية فائقة اعتمدت على نهج سياسة استباقية لمواجهة مخاطر الإرهاب الناجمة داخليا عن انتشار الفكر المتطرف وسط بعض فئات الشباب الذين أصبحوا يدينون بالولاء للتنظيمات الجهادية وفي مقدمتها تنظيم “داعش”، إما عن طريق استقطاب بعضهم للالتحاق بمناطق القتال في سوريا والعراق، أو انتظار التعليمات من أمراء الجهاد للإقدام على تنفيذ أعمال إرهابية داخل المغرب تستهدف شخصيات عمومية ومنشئات حيوية.

وعلى مدار هذا السنة، كان يتم الإعلان بين الفينة والأخرى، من قبل أجهزة الأمن، وخاصة المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، عن تفكيك خلايا إرهابية وإيقاف مشتبه بهم يدينون بالولاء إلى التنظيمات الإرهابية والتي ضبطت بعيتهم كميات هائلة من الأسلحة والمواد المستعملة في إعداد المتفجرات استعدادا لعملياتهم القذرة.

وحسب البيانات الرسمية التي كشف عنها الـ”البسيج” في نهاية هذه السنة، فقد تم بفضل هذه السياسية الاستباقية اجهاض عدة مخططات إرهابية، بعد أن تم  تفكيك 19 خلية والقبض على 548 شخصا مشتبها فيهم.

وكان للتجربة الرائدة التي اكتسبها مكتب الأبحاث القضائية في مكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى العابرة للحدود وعلى رأسها مكافحة الشبكات الدولية لتهريب المخدرات الصلبة، قد خلف صدى طيبا في العديد من عواصم الدول الأجنبية وخاصة في أوروبا وأمريكا حيث أصبحت أجهزة المخابرات في هذه الدول تطلب التعاون مع الأجهزة الأمنية المغربية في هذا المجال للاستفادة من التجربة التي راكمتها.

الوفاة المأساوية لبائع السمك محسن فكري هزت مشاعر المغاربة

من بين الأحداث السيئة التي ميزت سنة 2016، وهددت السلم الاجتماعي، الوفاة المأساوية في أكتوبر الماضي لبائع السمك محسن فكري، التي هزت مشاعر المغاربة، بعد الانتشار الواسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمشهد الرهيب الذي أظهر طحن شاحنة قمامة للمواطن ابن مدينة الحسيمة.

المواطن الضحية والذي صودرت منه كمية من الأسماك كان يتاجر بها، راح ضحية تهور من مجهول، أثناء محاولته استعادة بضاعته السمكية من الشاحنة، لتفرمه آلة الطحن، التي تم تشغيلها فجأة  في ظروف غامضة ما زال القضاء يحقق في ملابساتها.

وقد اهتزت الساكنة المحلية بسبب هذه الواقعة المأساوية، مما أثار احتجاجات عارمة بالحسيمة والمناطق المجاورة لها، سرعان ما تحولت إلى مسيرات في عدة مدن مغربية أخرى، وهو ما استدعى تدخل الملك وإيفاد مسؤولين سامين إلى عين المكان لتهدئة الوضع والوقوف على سرعة وحيادية التحقيق لتحديد المسؤوليات وإظهار الحقيقة.

هذه أهم الأحداث التي شهدها المغرب خلال السنة التي نودعها والتي سوف تبقى عالقة بذاكرة المغاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى