لحسن حداد: الحكم الذاتي تتويج للشرعية الدولية وروح الخطاب الملكي تدعو إلى حل متفاوض عليه

كان قرار مجلس الأمن الدولي، تاريخيا، وضع ملف الصحراء المغربية في المسار الصحيح، وأنهى عقودا من الترويج للأطروحة الانفصالية الوهمية بدعم من الجارة الجزائر، وهي الدولة التي أنفقت ملايير الدولارات على هذا الملف، وساهمت في عرقلة مسار الحل والتنمية في المنطقة، كما استفادت من التوتر والأزمة والمأساة الإنسانية الحقيقية في مخيمات تندوف.
وفي هذا السياق، أكد لحسن حداد، رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في تصريح لموقع “برلمان.كوم“، أن القرار التاريخي الصادر عن مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، والذي جدد التأكيد على مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يمثل لحظة فارقة في مسار هذا النزاع الإقليمي المفتعل، ويعكس إجماعا دوليا حول جدية وواقعية الطرح المغربي.
وأوضح حداد أن الحكم الذاتي شكل من أشكال تقرير المصير، وليس نقيضا له كما يحاول خصوم الوحدة الترابية تصويره، وأن مبادرة الحكم الذاتي تعد مختبرا سياسيا وقانونيا يعكس تطور القانون الدولي من منطق الانفصال من أجل التحرر إلى منطق الاستقلال الداخلي من أجل الاستقرار.
وأشار إلى أن الحكم الذاتي تجسيد عملي لمبدأ “رابح-رابح” الذي تقوم عليه فلسفة الأمم المتحدة في تسوية النزاعات، وخصوصا ما ورد فيما يتعلق بالتحرر من الاستعمار، التي تنص بشكل أساسي على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، مضيفا أن “أي حل يجب ألا يمس بوحدة الدول، وهذا ما جسده القرار الأممي الذي حظي بإجماع الدول الأعضاء، بما فيها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن”.
وجوابا على سؤال ما إذا كان سيُقدم الاتحاد الإفريقي على مراجعة موقفه من عضوية ما يسمى بـ“الجمهورية الصحراوية”، خاصة بعد تزايد انسجام المواقف الدولية حول شرعية المقترح المغربي، استحضر لحسن حداد في تحليله روح خطاب الملك محمد السادس، التي تقوم على رفض منطق المنتصر والخاسر، وعلى التأكيد بأن الحل النهائي يجب أن ينبني على الحوار والتفاوض في إطار الشرعية الدولية، مبرزا أن وجود ما يسمى بـ“الجمهورية الوهمية” داخل الاتحاد الإفريقي “أصبح اليوم تحصيل حاصل”، لأن المسار الجديد الذي فتحه القرار الأممي يتجه نحو تفعيل مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الإطار الواقعي والوحيد لتسوية هذا النزاع المفتعل.
وأضاف حداد أن “القرار الأخير لم يعارضه أي بلد إفريقي، حتى الجزائر بدورها انسحبت، بل على العكس، هناك إجماع داخل القارة على ضرورة دعم المقترح المغربي، لأن القضية لم تعد شأنا قاريا بقدر ما هي ملف يُعالج في مجلس الأمن الدولي، الذي تعلو قراراته على جميع المنظمات الإقليمية الأخرى”.
وشدد حداد على أن “المرحلة الحالية تفرض على المغرب استثمار الزخم الدولي الكبير الذي تحقق بعد القرار الأممي، خاصة أن الخطاب الملكي أوضح أن المملكة ستقدم تفاصيل دقيقة حول تصورها للحكم الذاتي في المرحلة المقبلة، ضمن إطار يحظى بدعم الشرعية الدولية”.
وتابع لحسن حداد في حديثه لموقع “برلمان.كوم” أن المغرب يعيش اليوم لحظة تاريخية بكل المقاييس، “لها ما قبلها وما بعدها”، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس وجه رسالة واضحة حين قال إن المغرب يمد يده للجزائر تجلت في قوله “نوجه نداء صادقا، لإخواننا في مخيمات تندوف، لاغتنام هذه الفرصة التاريخية، لجمع الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي، للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية، وفي تنمية وطنهم، وبناء مستقبلهم، في إطار المغرب الموحد”.
وأكد حداد أن كل هذا سيكون لأجل الوصول إلى حل متفاوض عليه، في إطار الواقعية والاحترام المتبادل، مضيفا أن “من لا يريد الانخراط في هذا المسار، فذلك شأنه، لأن المغرب ماضٍ في التزامه بشفافية ومسؤولية نحو الحل السلمي والنهائي لهذا النزاع”.





