اخبار المغربمجتمعمستجدات

لنكن صرحاء ونطرح السؤال: ما الذي يُخيف الأحزابَ في الترشيحات الحرة للشباب؟

الخط :
إستمع للمقال

==

لم ينزعج الكثير من قادة الأحزاب من تراجع ثقة الشباب في المؤسسات السياسية والنقابية والتي بلغت نسبة مثيرة للفزع؟ ولم ينزعجوا من تراجع التمثيليات المؤسساتية في المدارس والمعامل والكليات؟ ولم يقلقوا لخروج التنسيقيات في الكليات وفي القطاعات التعليمية والصحية وفي الجماعات وغيرها بدلا عن الهيئات النقابية؟ انزعجوا فقط للتزكيات الخاصة بالترشيح للبرلمان، وما ترمز إليه الانتخابات من ريع مالي وسياسي.. ومنهم من يفضل الأثرياء و«أصحاب الشكارة» على مناضليه الذين قضوا عشرات السنين فقط لأنهم بلا «شكارة» ويبالغ في النحيب… خوفا على الدستور والديموقراطية التشاركية !

==

تضاربت المواقف الحزبية من قرار المجلس الوزاري بتسهيل عملية ترشيحات الشباب المغربي، ما دون 35 بدون الحاجة إلى التزكيات الحزبية. ما بين معارض علانية، وما بين صامت بصيغة المعارض وثالث صامت ينتظر تفاصيل أكثر .. وهو يومئذ أقرب إلى الرفض منه إلى القبول!

وقد كان حزب العدالة والتنمية، المعارض هو أول حزب يعلن عدم موافقته على ما جاء في البلاغ الصادر عقب المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك.. والذي حث على تحفيز الشباب على المشاركة السياسية، وذلك عبر مراجعة شروط ترشحهم وتبسيطها. ولهذا الغرض، صادق المجلس الوزاري على مشروع قانون يسمح لهذه الفئة من الشباب بالترشح في الانتخابات سواء في إطار التزكية الحزبية أو بدونها..
وأكدت الأمانة العامة للبيجيدي «أن السبيل السياسي والدستوري السليم ..هو دعم ترشيحهم عبر الأحزاب السياسية» بدعوى «دعم مؤسسات الوساطة المؤسساتية عوض مواصلة إضعافها وتبخيس أدوارها الدستورية في تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي» ..

محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لم يكن حاسما، ولكنه أميل إلى الرفض لأنه تحدث إلى الصحافة عن خطر «تمييع الحياة السياسية»، وعن خطر الفشل الذي يتهدد العملية في حال لم تكن هناك شروط !

الأمين العام نبيل بنعبدالله، من جهته رافع أمام شبيبة حزبه في نهاية الأسبوع الماضي عن «تسهيل عملية تأسيس الأحزاب»، وبذلك يدعو إلى الرفع من عدد الأحزاب عوض السماح بالترشيحات الحرة..

في الواقع، لا يمكن أن نكتفي بظاهر الأشياء، في ما يخص قرار الترخيص بالترشيح الحر، والموجود مبدئيا في القوانين المغربية. ذلك أن السؤال العميق هو: لماذا كان هذا الإجراء مزعجا، والحال أن الجميع يعترف بأن هناك هوة كبيرة للغاية بين الشباب المغربي والسياسة في شكلها الحزبي.

فالحقيقة التي تبرزها كل استطلاعات الرأي هي أن الطلب على العمل الحزبي للتعبير عن الالتزام السياسي يكاد يكون منعدما (هناك استطلاعات للرأي وقفت عند 1٪ من نسبة الثقة في العمل الحزبي).. وعوض أن تبحث الأحزاب السياسية عن السبب العميق، تحاول أن تجعل من المقترح الحالي حصان المعركة ولا شك أنها ستعمل ما في وسعها لتضييق الخناق وتشديد القوانين التي تسهل العملية عند المناقشات البرلمانية..

وفي انتظار ذلك، كان على أحزابنا أن تسأل نفسها عن نسبة الشباب في صفوفها ومعدل الأعمار في قياداتها وممارساتهم الحقيقية.. وأن تطرح السؤال العميق: لماذا لا يثق الشباب في التنظميات الوسيطة، في وقت يبدو أنه يقدِّم تعبيرات ناضجة عن الالتزام السياسي؟ بمعنى آخر: لماذا يمارس الشباب السياسة والاحتجاج السياسي، في قطاعات الإنتاج وفي المدارس والمستشفيات وفي الشارع العام ولا يلجأ إلى الأحزاب للتعبير عنها؟ لأنه ليس ضد الالتزام السياسي الواعي بل ضد الشكل الحزبي في التعبير عنه!
ولعل النماذج التي أصبحت أمامه لا تشجعه على ذلك، بل أصبحت هي بدورها جزءا من الجوانب التي يكرهها في الممارسة..

وحتى نكون واضحين: لا ديموقراطية بدون أحزاب، والنظام السياسي المغربي، منذ الاستقلال يعطيها قوة كبيرة في تجسيد الديموقراطية، ودستور المغرب الحالي يحسم بشكل نهائي دورها في الحياة الوطنية.. ولكن الذي يحصل هو أن الشباب نفسه يرى نماذج من الذين يتقدمون إلى الانتخابات والعمل السياسي ولا يرى في الغالب إلا لغة المكاسب والمصالح والمال.. حتى بات الفساد مرتبطا بالمؤسسات المنتخبة بشكل كبير…!


وصار الظاهر للعيان أن التزكيات تعطى حسب معايير بعيدة عن الالتزام المؤسساتي، (مول الشكارة) وتمنح للملتحقين الجدد الذين لا تربطهم رابطة فكرية ولا تنظيمية ولا إيديولوجية بالحزب المعني، وكثيرا ما سمعنا عن «البيع والشراء» في التزكيات، وعن «الصناديق السوداء» حتى بات ذلك من المعتاد في أحاديث الناس، ولهذا لا نصدق الخوف على التأطير وعن التنشئة السياسية التي يتباكى عليها هؤلاء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى