الأخبارسياسةمستجدات

“ماذا يريدون من المغرب”: حينما دعا تقرير استخباراتي ألماني لإضعاف المغرب حتى لا يصبح تركيا جديدة -1-

الخط :
إستمع للمقال

قد يتساءل الكثيرون لماذا أصبح المغرب هدفا لمجموعة من المنظمات التي تدعي اشتغالها في مجال حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة، كما قد يتساءل أيضا هؤلاء عن السبب الذي جعل المغرب هدفا لمؤسسات كالبرلمان الأوروبي، هذا الأخير الذي تبنى وفي ظرف وجيز ثلاثة تقارير ضد المغرب، كلها تدينه في قضايا حرية التعبير والرأي والتجسس والرشوة..

لكن التساؤل العريض المطروح، ماذا يريد هؤلاء من المغرب؟ ولماذا التحرك ضده في هذا الوقت بالضبط؟ أين كان البرلمان الأوروبي طيلة السنوات الماضية ليأتي الآن محاولا فرض أستاذيته على المغرب وهو الغارق في الفساد؟ ولماذا لا تصدر المنظمات التي تدعي أنها حقوقية تقارير وبلاغات تدين فيها ما يقع في مخيمات تندوف وما تفعله عصابة البوليساريو وحاضنتها الجزائر بالمحتجزين هناك ولماذا ولماذا ولماذا…؟

تقرير استخباراتي ألماني: “لا نريد تركيا جديدة في غرب البحر الأبيض المتوسط”

حتى نفهم جيدا ما يقع الآن مع المغرب وكيف أن العديد من الخبراء والمحللين يصفون المرحلة التي تمر منها بلادنا بالدقيقة والحساسة، بل منهم من اعتبرها من أخطر المراحل التي مرت على بلادنا في التاريخ، بسبب استهداف مؤسسات تعتبر أعمدة الدولة وركيزتها، سنعود بكم قراءنا الأعزاء إلى الوراء قليلا، وبالضبط إلى التقرير الاستخباراتي الألماني الذي تم تسريبه قبل حوالي أزيد من سنتين، من طرف الإعلام الألماني، هذا التقرير الذي أعدته “إيزابيل فيرينفيلز” رئيسة مكتب الاستخبارات لشمال إفريقيا والشرق الأوسط في المخابرات الألمانية، تضمن معلومات مهمة تجعلنا نفهم جيدا جزءا مما يقع الآن لبلدنا من طرف جهات تصنف كجماعات ضغط ويتم استعمالها لابتزاز الدول.

فحسب وسائل إعلام ألمانية، فإن التقرير المذكور الذي حمل عنوان “لا نريد تركيا جديدة في غرب البحر الأبيض المتوسط”، تطرق لعلاقات ألمانيا مع المغرب، وركز عليها بشكل كبير، عقب الأزمة الدبلوماسية بين البلدين والتي تفجرت سنة 2021، حيث وصف هذا التقرير المغرب بالقوة الصاعدة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد توقيع اتفاق أبراهام الثلاثي مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وأكد التقرير أن الاتفاق الإسرائيلي-المغربي أزعج ألمانيا كثيرا، لأن إسرائيل لها قوة صناعية وستعمل على البحث عن أسواق المعادن الإفريقية التي أسست ألمانيا لها استراتيجية منذ سنة 2019، داعيا إلى إضعاف المغرب حتى لا يصبح تركيا جديدة في غرب حوض الأبيض المتوسط، بعد تحالفات المملكة مع أمريكا وإسرائيل.

وأكد التقرير أيضا أن التحالف المغربي-الإسرائيلي يعتبر صدمة قوية للاتحاد الأوروبي وليس لألمانيا فقط، لأنه يشكل خطرا على مصالحه وتهديدا لها، وبصفة مباشرة على المدى القريب إلى المتوسط لأن منطقة شمال إفريقيا هي منطقة خصبة للاتحاد الأوروبي لتصريف منتوجاته، وبوابة لعبورها نحو السوق الإفريقية الواسعة”.

التقرير يقر بقوة الأجهزة الأمنية المغربية.. والبرلمان الأوروبي يستهدفها بالاعتماد على تقارير تصدرها منظمات تحت الطلب

اعترف التقرير الاستخباراتي الألماني بقوة الأجهزة الاستخباراتية المغربية حتى قبل الاتفاقية العسكرية والأمنية بين إسرائيل والمغرب، وهذا الأمر لوحده كاف لفهم لماذا كل تقارير منظمات أمنستي وهيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود تستهدف الأجهزة الأمنية المغربية.

فقد كشف التقرير أن ألمانيا ومؤسستها الأمنية واجهتا جهازا استخباراتيا مغربيا قويا ومنافسا شرساً وعنيداً أصبحت له صولات وجولات ليس في أوروبا الغربية فقط بل حتى في أوروبا الشرقية، حيث أكدت إيزابيل فيرينفيلز رئيسة المكتب الذي أنجز التقرير أنها اطلعت على وثائق استخباراتية سرية في الأرشيف واكتشفت أن جهاز المخابرات الألماني حاول خلق الكثير من المشاكل المركبة والمعقدة للمغرب ووقف تحركاته النشطة في العديد من المناطق الإفريقية على حساب أعدائه التقليديين ومنافسيه في المنطقة دون أن ينجح في ذلك.

وأضافت إيزابيل فيرينفيلز في ذات السياق: ”أن اللوبي التابع لجهاز الاستخبارات الألمانية والمتحكم في العديد من القطاعات الصناعية بإفريقيا لعِب دورا في تعطيل مسيرة الشركات المغربية وتوسعها في منطقة الغرب الإفريقي والعديد من المناطق الإفريقية، ولقد ضغط اللوبي التابع للجهاز بشكل كبير سياسيا عبر أذرعه الحزبية ولوبياته السياسية من أجل تهديد مصالح المغرب ومحاولة إضعافه في المنطقة”، لتعود ذات المسؤولة الألمانية وتعترف في تقريرها بأن الخطة التي صُرِفت عليها أموال كثيرة من أموال دافعي الضرائب بألمانيا باءت بالفشل، وها هي تركيا جديدة في الغرب المتوسطي بدأت في التنامي والبروز”.

التقرير أكد بأن المغرب يعاقب كل من يحاول المس بسيادته على الصحراء

لم يغفل التقرير الألماني الاستخباراتي ملف قضية الصحراء المغربية، وأكد أن المغرب يعاقب كل من سولت له نفسه الاقتراب منه أو محاولة المس بسيادته على أراضيه بالأقاليم الجنوبية، حيث تطرق التقرير لهذا الجانب خلال حديثه عن العلاقات المغربية الإسبانية.

وجاء في التقرير: “إن حليفنا الإسباني يشتكي كثيرا من الدعم الأمريكي للمغرب خصوصا بعد اتفاقيات أبراهام، كما أنه لاحظنا برودا من واشنطن اتجاه مدريد واتضح ذلك بنقل العديد من جنوده من قواعد إسبانية نحو أخرى إيطالية، وهناك براكين خامدة بين مدريد والرباط مرشحة للانفجار ولا يمكن لبرلين سوى أن تكون داعمة وبقوة لمدريد فهناك مشكِل الصحراء، والرباط تعاقِب كل من يقف ضد رغبتها في جعل هذا الإقليم ينتمي بصفة رسمية إلى حدودها الجغرافية”.

تقرير استخباراتي ألماني آخر يحذر من تنامي نفوذ وقوة المملكة المغربية بأفريقيا ويدعو لكبح جماحها لتعارضها مع المصالح العليا لألمانيا والدول الأوروبية بشكل عام

لم يكن تقرير رئيسة مكتب الاستخبارات لشمال إفريقيا والشرق الأوسط في المخابرات الألمانية الوحيد الذي ينبه لقوة المغرب الصاعدة ويدعو لفرملته، بل كُشف النقاب أيضا عن تقرير صادر عن المؤسسة الأمنية الألمانية، تم رفعه للحكومة الألمانية، حذّرت فيه من تنامي نفوذ وقوة المملكة المغربية بأفريقيا، ودعت لضرورة كبح هذا التفوق المغربي لتعارضه مع المصالح العليا لألمانيا والدول الأوروبية بشكل عام.

وكشف التقرير الأمني الذي أصدره المعهد الأمني الألماني للدراسات وهو جهاز تابع للمخابرات الألمانية، أن المغرب أصبح قوة إقليمية، ونموه أصبح سريعا، مما يشكل عدم التوازن في المنطقة المغاربية، بين مغرب متقدم وجزائر تعيش صعوبات متعددة وغير قادرة على مسايرة المغرب وتونس تدخل في وضع الدول المنسية..

وجاء أيضا في هذا التقرير الذي نشرته وسائل إعلام ألمانية، أن المغرب يهيمن على إفريقيا ويسعى للهيمنة الكلية عليها، قبل أن يخلص التقرير إلى أنه على ألمانيا والاتحاد الأوروبي أن يسارعا للوقوف في مواجهة المغرب وعرقلة نموه المتسارع، وهذا ما يفسر بالضبط الحملات التي يتعرض لها المغرب الآن من طرف مؤسسات كالبرلمان الأوروبي، لكن الفرق فقط بين الدول التي تحرك هذه المؤسسة لنفس الأهداف والمتجلية أساسا في فرملة المغرب وعرقلة مساره.

فبعد أن عادت ألمانيا لجادة صوابها وغيرت موقفها من قضية الصحراء خصوصا بعد رحيل المستشارة أنجيلا ميركل ووصول المستشار الألماني أولاف شولتس لمكانه وتشكيله لحكومة جديدة، التي فتحت صفحة جديدة في العلاقات الألمانية مع المغرب، أصبحت الآن فرنسا هي من تقوم بشطحات الديك المذبوح، محاولة استعمال كل الوسائل لإجبار المغرب عن التراجع عن مساره والرضوخ لمطالبها، وسنعود بالتفصيل للموضوع في الحلقات المقبلة من سلسلتنا الرمضانية هذه “ماذا يريدون من المغرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى