مشروع بيئي مفصلي تقوده الدولة.. هل ينجح مجلس جهة سوس في استغلال الفرصة وكسب رهان القضاء على المطارح العشوائية؟

يستعد مجلس جهة سوس ماسة لعقد دورة استثنائية غدا الخميس 24 يوليوز 2025 للمصادقة على اتفاقية إطارية محورية تهدف إلى إغلاق وتأهيل المطارح العشوائية وإنشاء مراكز طمر وتثمين النفايات، في خطوة توصف بأنها اختبار حقيقي للإرادة المؤسساتية في تدبير إشكالية النفايات التي ظلت ولازالت لعقود من الزمن عصية عن الحل من طرف الجهات المختصة، أو على الأقل غياب الإرادة لتحقيق ذلك.
هذه الاتفاقية التي اطلع عليها موقع “برلمان.كوم”، والتي تندرج ضمن التوجهات الملكية الرامية لتحقيق تنمية مستدامة والارتقاء بجودة الحياة، تغطي الفترة الممتدة من 2025 إلى 2034، وتصل كلفتها الإجمالية إلى حوالي 1180 مليون درهم، تساهم فيها جهة سوس ماسة بمبلغ 76 مليون درهم.
وترتكز هذه الاتفاقية على شراكة بين وزارة الداخلية، وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، الوزارة المنتدبة لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلفة بالميزانية، ولاية جهة سوس ماسة، ومجلس الجهة. وتشمل، إحداث 3 مراكز للطمر والتثمين باستثمار إجمالي يناهز 813 مليون درهم، موزعة على أقاليم عمالات أكادير (700 مليون درهم)، تارودانت (63 مليون درهم)، وتيزنيت (50 مليون درهم). وتبلغ مساهمة الجهة في هذا المحور 42 مليون درهم.
كما تشمل كذلك، تأهيل وإغلاق 29 مطرحًا عشوائيًا بكلفة تُقدّر بـ367 مليون درهم، موزعة على 13 مطرحًا بتارودانت (245 مليون درهم)، و11 مطرحًا بشتوكة آيت باها (84 مليون درهم)، و5 مطارح بتيزنيت (38 مليون درهم). وتبلغ مساهمة الجهة في هذا المحور 34 مليون درهم.
ولضمان حسن تنفيذ هذه المشاريع، سيتم تشكيل لجنة للتتبع يرأسها والي جهة سوس ماسة، تضم ممثلين عن العمالات والأقاليم، مجلس الجهة، وصاحب المشروع، مع إمكانية الاستعانة بخبراء، حيث تتولى اللجنة إعداد تقارير نصف سنوية حول سير الأشغال، وتقارير تقييمية بعد انتهاء المشاريع حول الأثر البيئي والاجتماعي، تُرفع إلى وزارة الداخلية.
وتسعى الدولة من خلال هذه الاتفاقية إلى إرساء نموذج بيئي حديث لتدبير النفايات، يكرّس التحول من الطمر العشوائي إلى التثمين والتدوير، بما يسهم في تقليص التلوث وتحسين جودة الحياة، غير أن هذه الأهداف تواجه تحديات واقعية، أهمها مدى جدية المؤسسات في احترام الجدولة الزمنية للتنفيذ، وضمان تعبئة التمويلات في وقتها، خصوصًا في ظل لجوء الجهة للاقتراض لتغطية مساهمتها، لتفادي تكرار تجارب سابقة توقفت بسبب غياب الالتقائية بين القطاعات، وأيضا غياب الإرادة الحقيقية لتنزيل مجموعة من الاتفاقيات التي لازالت إلى الآن حبيسة الرفوف.
ويُلاحظ أن مساهمة جهة سوس ماسة، التي تبلغ 76 مليون درهم، ستُغطّى جزئيا من خلال طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي، ما يطرح تساؤلات حول استدامة تمويل المشاريع الكبرى، ومدى قدرة رئيس الجهة على الترافع مركزيا للحصول على دعم إضافي من الوزارات والمؤسسات المعنية.
هذا المشروع يضع مجلس الجهة أمام امتحان حقيقي، خاصة وأن سكان سوس ماسة، ينتظرون تحركًا فعليًا للقضاء على المطارح العشوائية التي كانت لسنوات مصدرًا للروائح الكريهة، والحشرات، والنفايات المنتشرة، وتسببت في انتشار أمراض متنوعة.