اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

من التشريع إلى التفاعل: دعوة ملكية لترسيخ ثقافة التواصل مع المواطن

الخط :
إستمع للمقال

احتل التواصل مكانة مركزية في الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة. فقد أبرز جلالته أن نجاح أي سياسة عمومية لا يرتبط فقط بجودة التشريعات أو حجم المشاريع، بل كذلك بمدى القدرة على تأطير المواطنين وإشراكهم في فهم ما تقوم به الدولة من مبادرات وبرامج. إن التواصل في هذا المنظور ليس مجرد نقل للمعلومة، بل هو ممارسة جماعية ومسؤولية وطنية تتقاسمها الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، من أجل تقريب المواطن من السياسات العمومية وتعزيز الثقة بينه وبين المؤسسات.

ويعكس هذا التوجه الملكي قناعة راسخة بأن بناء الثقة يمر عبر تواصل صادق ومستمر مع المواطنين، يشرح لهم الحقوق والواجبات، ويبين أثر المشاريع العمومية في حياتهم اليومية. فحين يشعر المواطن بأنه جزء من ورش التنمية، يصبح أكثر استعدادا للمساهمة في إنجاحه، وأكثر وعياً بدوره في الحفاظ على المكتسبات الوطنية. ولهذا دعا جلالته إلى اعتماد خطاب واضح وشفاف يجعل المواطن شريكا حقيقيا في التنمية لا مجرد متلق للقرارات.

كما يبرز الخطاب الملكي أهمية التواصل كوسيلة لتعبئة الطاقات الوطنية حول المشاريع الكبرى التي تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني، مثل ورش العدالة الاجتماعية والتنمية المجالية. فالتنمية، في نظر جلالته، تحتاج إلى وحدة الرؤية وتناسق الجهود بين مختلف الفاعلين، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون تواصل فعّال ومفتوح يضمن وضوح الأهداف وشفافية التنفيذ. فالتواصل هنا يصبح أداة تعبئة وطنية، تخلق الانسجام بين مؤسسات الدولة والمجتمع وتدعم روح المسؤولية الجماعية.

ويربط جلالة الملك بين التواصل والتحول في العقليات، حيث دعا إلى ترسيخ ثقافة النتائج والاعتماد على المعطيات الميدانية الدقيقة والتكنولوجيات الرقمية في التقييم والتدبير. هذا التوجه يجعل من التواصل وسيلة للحكامة الرشيدة، تتيح للمواطن متابعة مستوى الإنجاز وتقييم مردودية المشاريع، وتدفع المسؤولين إلى العمل بفعالية ومصداقية.

إن خطاب جلالة الملك يجعل من التواصل ركيزة أساسية في بناء مغرب العدالة والتنمية المتوازنة، ويضعه في صميم المشروع الوطني الهادف إلى تكريس الثقة بين الدولة والمجتمع. فالتواصل، كما يراه جلالته، ليس عملا ظرفيا أو واجهة إعلامية، بل هو التزام دائم بروح المسؤولية والمواطنة، وأداة لتوحيد الجهود نحو مغرب صاعد، متضامن، وواثق في مستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى