اخبار المغربسياسةمستجدات

من هي الجهة التي يستهدفها وزير الداخلية بعبارة “نوصلو لخزيت”؟ (فيديو)

الخط :
إستمع للمقال

وجه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أول أمس الأربعاء 5 نونبر 2025، خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، المخصص لدراسة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2026، تهديدات صريحة حول من يستفيد من التجاوزات الحاصلة في تدبير الأراضي الجماعية والمشاريع المرتبطة بها. حيث قال بالحرف: “اللي خذا شي طرف ديال الأرض وهو ماشي من حقو، خصو يردها… ومن الأحسن يردها قبل ما نوصلوا معاه لخزيت… غايردها، كيف كنقولوا، بالزز منو”.

هذه التهديدات الصادرة عن الوزير لفتيت بقوة اللسان لا بحكم القضاء، تذكرنا بالحكاية التي رواها الأستاذ الجامعي ووزير العدل السابق محمد الإدريسي العلمي لمشيشي عن تهديدات ونفوذ إدريس البصري، التي حماه منها الملك الراحل الحسن الثاني بحركة معبرة وذات دلالات رمزية قوية حين وضع سلهامه على كتفي لمشيشي العلمي، بما يفيد بأنه أصبح محميا من طرف الملك ضد جبروت أي كان. ولعل مناسبة تذكيرنا بهذه الحكاية تهدف إلى التنويه بكل إصلاح نبيل وتطهير سليم ومحاربة منصفة للتجاوزات، وهي مبادرات جد مرحب بها في المغرب إن كانت عادلة وشاملة، وتأخذ بعين الاعتبار الأحكام القضائية ببلادنا.

وقد ركز الوزير لفتيت على مدينة الدار البيضاء بشكل متكرر، وهي التي عرفت تجاوزات كثيرة في مجال نزع الملكية وملفاتها عرضت على أنظار القضاء الذي أصدر بخصوصها أحكاما منصفة وعادلة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة بعد هذه التصريحات، هو من يستهدف الوزير بالضبط بتهديداته؟ وما الذي يجري في الدار البيضاء ليجعلها محور هذا التهديد؟.

وفي هذا السياق، يُذكر “برلمان.كوم” الوزير أن الموقع سبق ونشر مجموعة من الملفات حول شبهات استغلال النفوذ والتفويت غير القانوني لأراضي جماعية وسلالية وأراضي أملاك الدولة، وتطرق لها أيضا في برنامج “ديرها غا زوينة” الذي يستهدفونه اليوم ويريدون إخراسه بقوة عبر إجراءات مسطرية يشوبها التجاوز والشطط بقوة. ولذا فإلحاحنا اليوم هو عن ما تم اتخاذه بخصوص التجاوزات المذكورة وخاصة تلك المتعلقة بالأراضي السلالية. إجراءات يبدو بوضوح أنه لحد الساعة لم يحسم فيها بإنصاف، وخاصة تلك المتعلقة بأراضي ذوي الحقوق السلاليين في آيت واحي وآيت الجيلالي بإقليم إفران، والتفويتات غير القانونية واستغلال النفوذ من قبل مسؤولين سابقين، بما في ذلك حصول زوجة مسؤول سامٍ مقرب من لفتيت نفسه على 50 هكتاراً بثمن رمزي قبل إعادة كرائها بأضعاف الثمن، وهو ما يمثل “ريعاً فاحشاً” على حساب ذوي الحقوق.

نذكر هذا بالفعل دون أن نغفل فضائح منطقة الغرب، حيث تم تحويل آلاف الهكتارات من الأراضي السلالية إلى “وزيعة” لتوزيعها على المحظوظين، في إطار ما يسمى “حمّى الأفوكادو”، مع أمثلة لشخصيات نافذة من بينهم البرلماني ادريس الراضي ومسؤولين محليين وما أكثرهم. ورغم إعفاء عامل سيدي قاسم فذاك لن ينسينا استعمال القوة العمومية لإفراغ الساكنة الأصلية. ونضيف أيضا الملف العقاري في إنزكان، الذي كان سببا في عزل عامل الإقليم، حيث تم تحويل هذا العقار العمومي الذي كان مخصصاً لبناء مؤسسة تعليمية إلى مشروع تجاري ضخم، في ظروف تثير شبهات تضارب المصالح واستغلال النفوذ من قبل مسؤول ترابي بارز، بالإضافة إلى ملفات أخرى يكفي الوزير لفتيت العودة لأرشيف موقع “برلمان.كوم” للاطلاع عليها وعلى صرخات المواطنين المتضررين.

إن تهديدات لفتيت التي نتمناها ألا تكون مجرد شعارات كلامية على بعد أشهر معدودة من الانتخابات ومن تغيير الحكومة، تأتي في وقت لازال فيه التملص من المحاسبة واستمرار الاستفادة غير القانونية من الأراضي والممتلكات العامة أمراً مألوفاً لبعض الفاعلين المحليين والوطنيين، بل من أقرب المقربين إليه داخل الوزارة، وعليه، نتمنى أن تكون تصريحات الوزير بداية للقطع مع هذه الممارسات والبدء فعلياً بمحاربة الاستغلال غير القانوني للأراضي الجماعية والسلالية وأملاك الدولة وللمال العام وتحقيق إنصاف الفئات المتضررة، بجميع مناطق المملكة وليس مدينة الدار البيضاء فقط، مع ضرورة إعادة ما تم الاستيلاء عليه بطريقة غير قانونية إلى ذوي الحقوق. وهنا نتذكر أيضا نزع ملكية التي أمرت بها وزارة لفتيت في حق مستثمر مغربي سُلبت منه أرضه ظلما بعد أن شرع في بناء فندق بشارع أنفا بالدار البيضاء. ورغم إنصافه من طرف القضاء، فإن وزارة لفتيت لم تعر أدنى اهتمام لقرار القضاء الذي تم باسم جلالة الملك.

وفي خاتمة هذا المقال الذي لن يكون لوحده، نذكر السيد الوزير أن المصطلح الذي استعمله بالدارجة المغربية “خزيت” مشتق من اللغة العربية الفصيحة التي تعني الخزي والعار بكل ما يحملانه من معاني ينفر منها المواطن المغربي، وخاصة المكلوم في حقوقه، والمظلوم في مصالحه.. والله تعالى يشير إلى نفس اللفظ في جليل قوله: (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ}. صدق الله العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى