رأي في قضيةمستجدات

هل انطفأت شعلة العشق بين الرئيس بوتفليقة ومحيطه السياسي والعسكري بعد 20 سنة من التعايش والتودد الزائفين..؟

الخط :
إستمع للمقال

معلومات حثيثة تتناقلها حاليا مواقع إعلامية ومعها صحف ورقية فرنسية وأجنبية، عن حرب حقيقية تدور اليوم في الكواليس بين الأجهزة العسكرية والسياسية الجزائرية لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يتأرجح وضعه الصحي بين وضع خطير وخطير جدا، حسب آخر البيانات الصحية التي تسربت للصحافة الجزائرية من جهات أجنبية.

والغريب في التطورات الصحية للرئيس بوتفليقة هو الكيفية التي يتعامل بها الإعلام الرسمي الذي يجنح إلى تغييب المعلومة الصحيحة لتظل محصورة في دائرة مغلقة من العائلة والمقربين، وهو ما يجعل الرأي العام عرضة للشائعات والتأويلات والارتباك..
وفي ضوء التصدعات العسكرية والأمنية التي تشهدها الجزائر إثر إقدام الرئيس بوتفليقة مؤخرا على عزل مدير أمن الجيش محمد تيرش وإنهاء مهام المراقب العام للجيش اللواء بومدين بن عتو، وقبل دلك عزل كل من اللواء شنتوف الحبيب، من قيادة المنطقة العسكري الأولى، واللواء سعيد باي، قائد المنطقة العسكرية الثانية، يمكننا الجزم بأن شعلة العشق بين الرئيس بوتفليقة وبعض قادة الأجهزة العسكرية والأمنية قد انطفأت بالمرة بعد 20 سنة من التعايش والتودد الزائفين في إطار احترام الطرفين لعدد من الخطوط الحمراء التي يتعين أخذها بالاعتبار لضمن شروط التدبير المرن للهياكل السلطة.

انطفاء شعلة العشق والتودد هاته يؤكدها عزل الرئيس بوتفليقة مند أسابيع، لمدير الأمن الوطني عبد الغني هامل، ومدير الدرك الوطني مناد نوبة، وعدد من مدراء الأمن بالولايات، بالإضافة إلى قضاة وإطارات سامية في الدولة، قبل أن يقرر قبل سنة أو يزيد، تجريد الاستخبارات من عدة اختصاصات أهمها الإشراف على أمن الجيش وأمن الرئيس شخصيا، وإلحاق هذه التخصصات بقيادة أركان الجيش، فيما اعتُبر “ضربة موجعة” لرئيس الاستخبارات آنذاك الجنرال محمد مدين الذي تؤكد أوساط فرنسية عليمة أنه عارض تمديد بوتفليقة لولاية خامسة.

وتتأرجح الآراء بخصوص سياسة العزل الرئاسية بين فريق من الموالين يرحب بشكل تلقائي بقرارات الرئيس، وفريق من المعارضين يشكك ويرى في الخطوة مجرد تبادل أدوار، فيما يذهب فريق ثالث من العارفين بخبايا الشأن السياسي الجزائري إلى أن سياسة العزل التي تطال بعض صقور الجيش ورجال السياسة، ما هي إلا بداية لصراع قوي يدور اليوم في الكواليس بين عناصر الجيش من جهة، وعدد من السياسيين وعلى رأسهم شقيقه، سعيد بوتفليقة، ورئيس الحكومة، أحمد أويحيى، والأمين العام لجبهة التحرير الجزائرية، جمال ولد عباس، وعبد المالك سلال الذي أقيل قبل أشهر من رئاسة الحكومة لأسباب غامضة، ورجل الجزائر القوي، عبد العزيز بلخادم وغيرهم.. لخلافة بوتفليقة وتجنيب الجزائر الكثير من الأزمات والصراعات التي تطفو في غير ما مناسبة بين مختلف التيارات والطوائف. الجزائر العليلة بسياستها ومؤسساتها وسياستها واقتصادها، وبالطابع الاستبدادي في الحكم الذي يمنح لرئيس الجمهورية سلطات واسعة على حساب التوازن بين السلطات..

الجزائر التي تعيش مند الاستقلال على وقع الصراع الجهوي بين منطقة الغرب التي يسيطر أهاليها على مقاليد الحكم بالبلاد، ومناطق أخرى مهمشة. فجميع المسئولين على وزارات السيادة، هم من غرب البلاد (الداخلية والخارجية والعدل) ومعهم الرئيس بوتفليقة وهو نفسه وزير الدفاع.

وفي خضم الصراع القائم في الكواليس للظفر بالسلطة في حال وفاة الرئيس بوتفليقة شافاه الله، بدأت تلوح في الأفق بعض معالم الخارطة السياسية الجديدة بين فصائل ثلاثة. فصيل رئاسي مساند بشكل عفوي لأي اختيار يبديه الرئيس، وفصيل عسكري متشدد يعاني من بعض التهميش ويمثله الجنرال محمد مدين مدعوما بعدد من صقور الجيش الصامتين، وفصيل ثالث يمثل الجيل الجديد من الساسة الشباب المتطلعين إلى تسوية سياسية واجتماعية تحد من دوامة الصراع الجهوي. ويجد مولود حمروش، رئيس الحكومة الأسبق، الذي يتزعم تيار بحزب بوتفليقة (جبهة التحرير الوطني) موقعه في هذا الفصيل.

وما لم يُكشف عن حقيقة الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة بشكل يسمح لكل الفاعلين السياسيين تنظيم الخلافة بشكل سليم، فإن الصراع المحتدم الآن بين كل هذه الفصائل، قد ينقلب إلى مؤامرات تدخل البلد في دوامة العنف من جديد وتتيح للجيش الإمساك بزمام الأمور من خلال انقلاب أبيض كما حدث في تونس للراحل الحبيب بورقيبة.

ولكل من هو على غير علم بالمسار السياسي للرئيس بوتفليقة، نقول إن الرجل بدأ دشن لمشواره السياسي بولائه الأعمى للرئيس أحمد بنبلا أولا، ثم للعقيد المنقلب عليه هواري بومدين الدي عينه زيرا للسياحة في السادسة والعشرين من عمره، ثم بعدها وزيرا للخارجية، نصب نفسه تقدميا حاملا لمشعل عدم الانحياز ورافضا للسياسة الغربية الموالية للمغرب في قضية الصحراء.

وبوتفليقة كما تختزله الصحافة الفرنسية “كثير الغرور والمرح والترويح عن النفس في الفضاءات الفاخرة. له عشق كبير للسيجار الكوبي وللبدلات الرفيعة ولعالم النساء”، وهو مسكون بمرض السلطة إلى درجة أنه يحلم أن يموت فيها كصانعه الراحل بومدين الذي رحل للعلاج في الخارج ولم يعد. ومن علامات شخصيته أنه “صاحب مزاج متقلب يتفاداه المقربون منه بسبب طابعه الحاد وردوده الانفعالية الغاضبة، ويهابه جميع وزرائه، أما المقالون والمعزولون منهم فيعتبرونه متمركزا حول ذاته كثير الإعجاب بالنفس متوسط الكفاءة وهو الذي لم يتجاوز مستواه شهادة الباكالوريا ولم يلج الجامعة ولم يعرف طريقا إلى الدراسات العليا”.

ويدمر صديقنا بوتفليقة عداءا معلنا للمغرب جسده في افتعال قضية الصحراء المغربية وجعلها في مقدمة أجندته الإفريقية، وهو لا يخفيه في مجالسه الحميمية حقده الدفين للمغرب، ويرفض بشكل تلقائي أصوله المغربية وانتماءه لمدينة وجدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى