ولج مصطفى التراب العمارة الزجاجية التي تحوي مقر المكتب الشريف للفوسفاط بالدار البيضاء سنة 2006 ولوج الأبطال الفاتحين والناجحين حد الغرور، لكن وبعد 14 سنة، كل المؤشرات والأرقام تدل على أن الرجل على وشك مغادرتها على إيقاع فشل ذريع حيث سيترك لخلفه حصيلة كارثية وديونا تثقل كاهل المؤسسة التي تعتبر مفخرة المغرب الاقتصادية.
لقد وصلت ديون المكتب الشريف للفوسفاط متم سنة2017 إلى 52 مليار درهم (مقابل 48 مليار درهم نهاية 2016) بعد ما كانت في مستوى 2 مليار درهم فقط سنة 2007، فيما انهارت أرباحه إلى 4,68 مليار درهم سنة 2017 بعد أن بلغت ذورتها سنة 2011 بمبلغ 19 مليار درهم.
حين أمسك مصطفى التراب مقاليد المكتب الشريف، كان سعر الفوسفاط في السوق العالمية يعادل 42 دولارا للطن. وقرر التراب تخفيض إنتاجنا من الفوسفاط للرفع من سعره العالمي وتحقق له ذلك حيث ارتفع سعر الطن إلى 430 دولارا سنة 2008.
لكن هذا الارتفاع لم يدم سوى شهري غشت وشتنبر إذ سرعان ما بدأت أسعار الفوسفاط تنهار انهيارا مهولا لتستقر على نحو 80 دولارا للطن نهاية 2017.
ارتفاع الأسعار والأرباح التي واكبتها السنوات الأولى “دوخت” مصطفى التراب وجعلته ينفق ويصرف ذات اليمين وذات الشمال بدون حسيب ولا رقيب، ناسيا أن أسعار السوق العالمي تمسك بخيوطها مؤسسات مالية عالمية كالبنك الدولي وليست عمارته الزجاجية.
هكذا، وأمام انهيار الأسعار، وجد التراب نفسه في ورطة لم يجد للخروج منها سوى اللجوء للقروض قصد تمويل مشاريع واستثمارات داخل وخارج المغرب لتصل ديون المكتب، والتي لا تغطيها ضمانة الدولة، ذروتها نهاية 2017 حيث بلغت 52 مليار درهم فيما بلغت قيمة الفوائد عن القروض 1,4 مليار درهم خلال نفس السنة.
قد يتباهى مسيرو المكتب الشريف للفوسفاط بتحسين ربحه الذي قفز من 3,7 مليار درهم سنة 2016 إلى 4,68 مليار درهم، أي بزيادة حوالي مليار درهم، لكن العارفين والمتتبعين لشأن المكتب يذكرونهم بأن قيمة القروض قفزت بدورها من 48 مليارا إلى 52 مليار درهم خلال نفس الفترة، ما يعني أن كاهل المكتب أُثقل بمبلغ 4 مليار درهم إضافية وأنهم على وشك خسارة رأسمالهم (72,4مليار درهم) إذ بلغت نسبة المديونية مقارنة مع رأس المال 75٪، وهي نسبة كارثية.
وحسب بعض المراقبين، فإن المكتب تنتظره سنوات عجاف حيث لا يمكنه تسديد ديونه اعتمادا على السعر العالمي الحالي المحدد في 102,67 دولار للطن، بل الأخطر أننا في حالة انهيار محتمل للسعر، سنفقد رأس مال مكتبنا ونحتفظ بالديون، وهو ما يؤرق جفون مصطفى التراب في انتظار أن يأتيه الفرج.