اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

ولا عزاء للسيدات… حتى في التعيينات الحكومية

الخط :
إستمع للمقال

في مشهد يعيدنا إلى أجواء الفيلم المصري الخالد ولا عزاء للسيدات، الذي جسّدت فيه فاتن حمامة قهر النساء داخل منظومة تحاكم الضحية وتصمت عن الجناة، صادق المجلس الحكومي المغربي في اجتماعه الأخير على سلسلة من التعيينات في مناصب عليا… دون أن تشمل أي امرأة. نعم، ولا امرأة واحدة.

في مغرب يفاخر بنصوص دستورية تنص على المساواة وتكافؤ الفرص، ويحتضن استراتيجيات وطنية لتمكين النساء، جاءت لائحة التعيينات خالية من أي تمثيل نسائي، رغم تقدم كفاءات نسائية مشهود لها بالكفاءة، من مديرات عامات ومسؤولات مجربات، بترشيحات قوية لهذه المناصب. تم تجاهلهن، أو بالأحرى إقصاؤهن، في صمت رسمي لم يُسائل أحد.

لكن هذا الصمت لا يأتي في فراغ. بل يندرج ضمن سياق سياسي مقلق، تتصاعد فيه أصوات تنتمي لزمن الولاية الذكورية والفكر المحافظ، آخرها التصريحات الصادمة لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي لم يتردد في اعتبار التعليم والعمل حقوقاً غير ذات أولوية بالنسبة للفتيات، داعياً إلى “الزواج كخلاص”. خطاب يعكس نزعة رجعية مقلقة، تعيد النساء إلى مربع التبعية، وتلغي أدوارهن الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية.

أن يُقصى حضور النساء من لائحة التعيينات، في ظل هذه الخطابات، ليس مجرد مصادفة. بل هو تعبير عن خلل بنيوي عميق، يجعل من كل المكتسبات النسائية مجرد حبر على ورق، ويكشف أن الإرادة السياسية في موضوع المساواة ما زالت انتقائية وهشة، إن لم نقل مزاجية.

لقد بات من المُلحّ مساءلة منطق التعيين، وآليات الترشيح، ومدى احترام مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الدستور. فالمسألة لم تعد مرتبطة فقط بالتمثيلية، بل بمدى اعتراف الدولة بمواطنة كاملة للنساء، وبكفاءاتهن كفاعلات في التغيير وصانعات للقرار.

في فيلم ولا عزاء للسيدات، ينتهي المشهد بأن تُدفن المرأة مرتين: مرة بالظلم، ومرة بالصمت. أما في واقعنا السياسي اليوم، فيبدو أن الدفن يتم ببلاغ حكومي رسمي… ومعه رسالة واضحة: هذا المكان لا يسعكن.

لكن الجواب لا ينبغي أن يكون الحزن، بل الغضب. لا عزاء للسيدات؟ بل لا صمت بعد اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى