الأخبارسياسةمستجدات

يساريو البام وبئس المصير..

الخط :
إستمع للمقال

لم يكن قرار إستقالة إلياس العماري من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، سوى تلك النقطة التي أفاضت الكأس داخل البيت البامي، وعرت عورة الكثير من اليساريين الذين كانوا يختبؤون تحت مظلة “الزعيم الرفيق”، محتمين بما يدعيه من نفوذ لدى من يسميها في “ليالي الأنس” بالجهات العليا و”صْحاب سيدْنا”، في محاولة منهم لمراكمة الثروات واستغلال النفوذ لقضاء أغراض الأقارب قبل المناضلين.

نزلَ قرار إستقالة “الزعيم الرفيق” ككرة ثلج على رؤوس من يسمون أنفسهم بـ”يساري البام”، وتيقنوا ولو بعد كل ما حصل بأنهم مجرد أوراق كان يستعملهم “عراب البام” إلى حدود الأمس كوسيلة ضغط أو شحنة يضخها في شرايين ما تبقى من قيادة “الجرار” من أجل مايعتبره “إقرار مشروع حداثي ديمقراطي اجتماعي”، ولكنهُ يُلبي رغبات ونزوات من يهمه الأمر.

صدمة “يساريو البام” بقرار استقالة “العراب” لم تكن عادية، وعلى وقع الصدمة المدوية التي تلقوها، أعلن أحدهم خلال ذلك الاجتماع العاصف الذي بسط فيه إلياس العماري استقالته، قطع صلته النهائية مع ذات التنظيم الحزبي، فيما فضل آخرون ممن يعرفون من أين تُؤكل الكتف، الدفاع وباستماتة عن “استقالة الزعيم”.

هذا الأمر ينطبق على مصطفى المريزق، الذي مافتئ يروج في صفوف عضوات وأعضاء “الجرار” على أنه لا يتحرك إلا بإذن “الزعيم الرفيق” الذي ظل يتمسكن عليه حتى مكنه من منصيب “خبير” في مجلس النواب براتب محترم جدا، ولا يخطوا خطوة إلى بمباركته، وهو الذي لم يكن يسارياً من قبل إلا بعدما سقط سهواً في قبضة رجال الأمن إبان المرحلة الجامعية، وما فتئ يُتاجر بماضيه الملغوم في جامعة ظهر مهراز بفاس، وأضحى اليوم يُتاجر بما يُسميها بـ”حركة قادمون وقادرون” غير القانونية وغير المرخص لها، والتي وُضعت اليوم تحت مجهر المراقبة الأمنية.

ولم يكن “رفيق الدرب” سامر أبو القاسم الذي خرجَ مؤخرا بمقال يُمجٌد فيه “الزعيم الرفيق” إلى درجة أن وضعه في خانة الزعماء الكبار ورجال الساعة الذين يحتاجهم البلد والحزب معا في هذه المرحلة السياسية العصيبة، وأخذ لهُ كرسياً إلى جانب الكبيرين عبد الله ابراهيم وعبد الرحمان اليوسفي، سوى ذلك الضحية الذي تبخرت أحلامه التي بناها على وعود “الإلياس” الهاتفية في آخر الليل، قبل أن يحجز له أسابيع قبل نزوله من قيادة “الجرار” منصبا إلى جوار “رفيقه الزروالي” في الغرفة الأولى، بالرغم من أنهُ “ماشْبعشْ” مما استفاد منه من ريع في زمن تولي “الأخ الرفيق اخشيشن” لمنصب وزير التريية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، والذي كان قد مكنه من منصب مريح في مديرية المناهج التربوية، قبل أن يتحول إلى “كاتب خاص” لدى إلياس العماري يخط له إديولوجيات الحزب ويبحث له عن هويته التي مازال يكتنفها الكثير من الغموض.

وفيما أفلحَ الحبيب بلكوش الذي تسلم مفاتيح “الجرار”، ورفيقه الوديع صلاح، في نفخ بطونهم وحساباتهم البنكية من تعويضات مجلس المستشارين عن مهام وهمية دون أن تطأ أقدامهم أرضية الغرفة الثانية، بعدما حول “الرفيق الحكيم” المؤسسة الدستورية إلى “بقرة حلوب” لدى “صقور البام”، وما يتسلمونه تحت جنح الظلام مقابل “تقارير” من هنا وهناك، مازالت لعاب عزيز بنعزوز ومحمد الحموتي تسيل حول القادم من التزكيات الحزبية لخوض الانتخابات البرلمانية التشريعية، بإعتبارهما صاحبي الكلمة الأخيرة في منح التزكيات في كل الاستحقاقات الانتخابية.

ولم التساؤلات تطرح حول كيف تحول “عْزِيزْ البام” بين عشية وضحاها من معلم بسيط إلى أحد أغنياء الحزب، ولم يعد يمتطي إلا السيارات الفاخرة ولا يرتاد إلا المطاعم الراقية، وهو الذي كان ومازال منذ شغله عضوية المكتب السياسي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد يُهاجم الدولة، ووصفها بـ”البوليسية” تحت قبة البرلمان، وعرف من أين “تمتصٌ بزُولتها”، وراكم ما تيسر من الإقامات السكنية ومكاتب للدراسات وشركات التي وضعها تحت أسماء زوجته وأبناءه، مع يد مطلوقة رفقة محمد الحموتي في جمع “الكاش” من أثرياء الحزب. هذا دون الخوض في ماضيهم رفقة “العراب” و”الحكيم” في قضية زلزال الحسيمة وما جنوه من أموال على ظهر ساكنة الريف، قبل أن يرحلوا تباعا إلى الرباط للإلتحاق بنادي “رجال البيزنسْ والبُوليتيكْ”، هاربين من لعنة حفدة عبد الكريم الخطابي.

وبنشماش كما يعرفه الجميع حاول يوما أن ينسلخ من حركات اليسار ليتحول إلى أقصى اليمين، فالتجأ إلى وساطة أحد أصدقائه كي يلج “الحركة من أجل الديمقراطيين” سنة 2008، وينتقل بعدها، على ظهر حصان أبيض، إلى حزب “الأصالة والمعاصرة” لتفرش أمامه طريق العز والغنى بورود الترشح في حي شعبي بالرباط “حي يعقوب المنصور”.

ولا يمكن المرور مرور الكرام على “كبار يساريي البام” دون الوقوف عند الفيلسوف وصاحب القدرة الجدالية واللسانية الكبيرة، الذي انسلخ عن جدله اليساري وتنكر لماضيه داخل الحزب الشيوعي المغربي أو في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أو في الاتحاد المغربي للشغل، وانصهر ضمن “حركة لكل الديمقراطيين”، قبل أن يكون أول أمين العام لـ”الجرار”، مستغلا بذلك احترافيته في “غسل الأدمغة” ونسج خيوط العلاقات.

والذين يعرفون حسن بنعدي أو “فيلسوف زمانه”، لم ولن يتوانوا في وصفه بـ”الفيلسوف الكسول” الذي يدعي اليوم أنه يدرس في الجامعة وهو الغير حاصل على “الدكتوراه”، وما في تاريخه تجربته كأستاذ للفلسفة بثانوية مولاي يوسف بالرباط، وحوالي 20 يوما قضاها في درب مولاي الشريف لم تشفع له سوى مسؤوليته في الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، ولم ينتج أي مؤلف، ولم تحظ أفكاره بالانتشار والتأثير خارج الدائرة التي يتحرك فيها، وبعد هذه التجربة المحبطة، اختار بنعدي الانزواء والتفرغ للعمل الصحافي من خلال نشر مقالات في بعض الصحف والمجلات، وإصدار مجلة “ليسونسيال” و”لومونسيال”.

لقد أضحى حزب الأصالة والمعاصرة بدون بوصلة في غياب “الرفيق الزعيم” الذي ترك وراءه “أيتاما” من “أبناء اليسار”، وأصبح الحزب يُعول على بعض مما تبقى من حكماءه الذين ينتمون لجيل المؤسسين والرواد في ظل الغموض الذي يكتنف هويته لإنقاذ ما تبقى فوق “الجرار”، حيث أجمع البعض من أعضاء المكتب السياسي للحزب الذين لم يفلحوا في أكل الكتف وظلوا مجرٌد متفرجين على مسرحيات المكتب السياسي، على ضرورة إجراء افتحاص قانوني لمالية وإدارة الحزب، وإماطة اللثام عن “الجرائم” التي ارتكبها بعض من المنتفعين من “البام” الذين انفردوا بالقرار وأبرموا الصفقات في غفلة من “أعين الزعيم” قبل وبعد السابع من أكتوبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى