المحامية كريمة سلامة معلقة على واقعة الهجوم على مكتب “برلمان.كوم”: الصباغة لا تحتاج لترخيص وما قامت به اللجنة تعسف قانوني

أثار التدخل الذي استهدف مقر موقع “برلمان.كوم” بحي أكدال بالرباط، صباح الخميس 18 شتنبر 2025، الكثير من الجدل، بعدما حاولت لجنة من ولاية الرباط معززة بالقوات العمومية اقتحام المكتب بدعوى وجود “مخالفة للتعمير”، وجاءت هذه الخطوة بعد يومين فقط من زيارة أولى لقائد المقاطعة وأعوانه، حيث عاينوا أن الأمر لا يتعدى أشغالًا سطحية مرتبطة بطلاء الجدران، واعتذروا حينها عن الإزعاج مؤكدين أن الوضعية عادية ولا تستوجب أي تدخل.
الأستاذة كريمة سلامة المحامية بهيئة المحامين بالدار البيضاء، أوضحت في تعليق قانوني على هذه الواقعة، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، أن الأشغال التي قام بها الموقع لا تندرج في خانة المخالفات، لأن الصباغة لا تدخل ضمن ما يتطلب رخصة بناء أو إصلاح وفق قانون التعمير، إذ أن الرخص تُفرض فقط في حالات البناء والهدم أو التوسعة التي تستعمل فيها الإسمنت والحديد ومواد البناء، وهو ما لم يحصل في هذه الحالة.
وأكدت ذات المحامية أن التدخل كان يجب أن يمر عبر إشعار كتابي للمعني بالأمر، مع منحه الحق في الرد كتابيًا بدوره، أو على الأقل إصدار إنذار بوقف الأشغال إن وُجدت، مؤقتًا إلى حين التحقق من طبيعتها، أما ما جرى، أي مباشرة محاولة الاقتحام دون إشعار أو محضر معاينة، فيُعتبر من الناحية القانونية تعسفًا في استعمال السلطة.
وأضافت الأستاذة سلامة أن أي شبهة مخالفة لا بد أن تثبت بمحضر رسمي يُبلّغ إلى صاحب المقر، مع تمكينه من أجل قانوني للطعن فيه أمام القضاء، باعتبار أن المحكمة وحدها هي الجهة المخولة للفصل في ثبوت المخالفة وتقرير العقوبة أو الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
الأخطر في هذه الواقعة، أن اللجنة حين استصدرت إذنًا من النيابة العامة للدخول للمقر، قدمته على أنه “منزل للسكن” في حين أنه مقر للشركة المالكة للموقع، وهو ما يفتح الباب بحسب تعليق المحامية كريمة سلامة أمام تكييف قانوني خطير يتمثل في خرق حرمة السكن، ذلك أن القانون الجنائي المغربي في فصله 571 ينص على أن دخول أي مسكن أو أحد ملحقاته خلافًا لإرادة صاحبه، أو البقاء فيه رغم رفضه، يشكل جريمة يعاقب عليها بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، مع تشديد العقوبة إذا تم الفعل بالعنف أو الكسر. والاجتهاد القضائي لمحكمة النقض اعتبر حتى السيارة أو الخيمة مسكنًا، وبالتالي يمكن اعتبار المكتب موضوع الواقعة مشمولًا بنفس الحماية.
وترى الأستاذة سلامة أن ما وقع يفتح المجال لتقديم شكاية مباشرة لوكيل الملك ضد أي مسؤول تورط في هذا التعسف، بدءًا من القائد إلى أعلى مسؤول في وزارة الداخلية، مع إمكانية اللجوء في الوقت ذاته إلى مسطرة التظلم الإداري أمام الوالي أو العامل لوقف هذه التجاوزات التي مست بحرمة المقر والشركة المالكة له.
وبناءً على كل ما ورد في تعليق الأستاذة المحامية كريمة سلامة، يتضح أن ما جرى لم يكن مجرد خطأ مسطري، بل تدخل يفتقر للشرعية من حيث السبب، لأن الأمر لا يتعلق بأشغال تستوجب ترخيصًا، ومن حيث الشكل، بسبب غياب الإشعار والإنذار، وهو ما يجعل اللجنة أمام تكييف مزدوج، تعسف في استعمال السلطة من جهة، وخرق لحرمة السكن في ظل وصف اللجنة للمقر بمنزل للسكن من جهة أخرى، الأمر الذي يضع الكرة الآن في ملعب القضاء، لقول كلمته في واقعة غير مسبوقة تمس في عمقها مبدأ سيادة القانون وحرية ممارسة النشاط الصحفي.



