المسيرة الخضراء.. الأقاليم الجنوبية تتحول إلى منصة اقتصادية إفريقية واعدة

بمناسبة الذكرى المجيدة للمسيرة الخضراء المظفرة، التي تُجسد واحدة من أعظم صفحات التاريخ المغربي الحديث، نستحضر اليوم التحولات العميقة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي أصبحت نموذجاً للتنمية المتوازنة والانفتاح الاقتصادي بفضل الرؤية الملكية السديدة، ففي الوقت الذي نستذكر فيه المسيرة كرمز للوحدة والسيادة، نلمس اليوم نتائجها الميدانية من خلال نهضة اقتصادية غير مسبوقة جعلت من الصحراء المغربية قاطرة حقيقية للتنمية والاستثمار والاندماج الإفريقي.
وفي هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق، في تصريح خصّ به موقع “برلمان.كوم”، أن الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية لم تعد مجرد وجهة اقتصادية كلاسيكية تعتمد على مواردها الجغرافية والطبيعية، بل أصبحت اليوم نقطة جذب استثمارية متكاملة تشهد تحولات استراتيجية على مستوى البنية التحتية، والتنوع الاقتصادي، والانفتاح على قطاعات واعدة كالفلاحة، والصيد البحري، والطاقة المتجددة، والسياحة.
وأوضح الأزرق أن المناخ الصحراوي لم يعد عائقا أمام التنمية الفلاحية، إذ أصبحت مناطق مثل الداخلة والعيون تتوفر على مساحات شاسعة مستغلة فلاحيا، تُصدر منتجاتها إلى مختلف بقاع العالم، بما في ذلك الأسواق الأوروبية التقليدية، وأبرز أن هذه الدينامية ارتبطت أيضا بتطور الصناعات التحويلية التي رفعت من القيمة المضافة للمنتجات المحلية، سواء داخل السوق الوطنية أو الإفريقية.
وأشار المتحدث إلى أن المملكة ضخت أكثر من 70 مليار درهم منذ سنة 2017 في مشاريع مهيكلة كبرى، من بينها الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، ومشروع الميناء الأطلسي الداخلة المتوسط، إلى جانب المناطق الصناعية والتجارية الحرة التي يجري العمل على تطويرها لجعل الجنوب المغربي منصة لوجستية وتجارية تربط إفريقيا الغربية بأمريكا الشمالية واللاتينية.
وأضاف الأزرق أن هذه التحولات الميدانية ليست بمعزل عن الرؤية الملكية الاستراتيجية، التي تهدف إلى جعل الصحراء المغربية قاطرة للاندماج الاقتصادي الإفريقي، خاصة في ظل المبادرة الملكية للأطلسي التي ستعزز الشراكات الاقتصادية جنوب-جنوب وتفتح آفاقاً جديدة أمام الاستثمارات العابرة للقارات.
وفي حديثه عن البعد السياسي، شدد المحلل الاقتصادي على أن الاعتراف الدولي بمخطط الحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والواقعي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، سيمنح دفعة قوية للجاذبية الاستثمارية في هذه الأقاليم.
وأشار الأزرق إلى أن عددا من القوى الاقتصادية الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والإمارات العربية المتحدة، أبدت اهتماما متزايدا بالاستثمار في الجنوب المغربي، مشيرا إلى أن أكثر من 300 مستثمر فرنسي قاموا مؤخرا بزيارة هذه الأقاليم لبحث فرص الشراكة والاستثمار في قطاعات متعددة.
وأكد الأزرق على أن الأقاليم الجنوبية تشهد اليوم تحولا غير مسبوق بفضل الرؤية الملكية، وحجم الاستثمارات، والمشاريع المهيكلة الكبرى التي حولت الصحراء المغربية إلى رافعة حقيقية للتنمية الوطنية والإفريقية.





