جماعة تارودانت فوق صفيح ساخن.. ملفات مشبوهة على طاولة عامل الإقليم ووهبي يلوّح بالمحاسبة

تعيش جماعة تارودانت على وقع توتر غير مسبوق واضطراب واضح في التدبير، عقب التحركات المكثفة التي باشرها عامل الإقليم الجديد، مبروك ثابت، منذ تعيينه، حيث أبدى العامل عزماً واضحاً على فتح عدد من الملفات التي ظلت لسنوات طي الكتمان، خصوصاً تلك التي أُثيرت بشأنها تساؤلات وشبهات، بعدما منح رئيس الجماعة عبد اللطيف وهبي الضوء الأخضر لوضعها بين يدي السلطة الإقليمية، في خطوة وُصفت بالجريئة.
وبحسب مصادر موقع “برلمان.كوم”، وجّه العامل مراسلة رسمية إلى مدير المصالح بالجماعة، طالباً تزويده بمجموعة من الملفات التي أثارت الكثير من الجدل، من بينها ملف “العمال العرضيين” والتوظيفات الأخيرة، وسط تساؤلات حول شفافية المباريات ومعايير الانتقاء.
ووفق المعطيات التي توصل بها الموقع، تشير التحقيقات الأولية التي باشرتها السلطات المختصة إلى وجود ما وُصف باختلالات واضحة، من ضمنها إدراج أسماء ضمن برنامج الإنعاش الممول من ميزانية الجماعة، بينهم طلبة ونساء، دون أن يكون لهم حضور فعلي بالمرافق الجماعية. كما بلغ عدد العمال العرضيين في فترات معينة عدد قارب 400 شخص، ما يثير تساؤلات بشأن مدى قانونية هذه التعاقدات وارتباطها بمعايير واضحة.
وفي لقاء جمعه بعامل الإقليم، نفى مدير المصالح الجماعية، وفق ذات المصادر، أية علاقة له بتوظيف العمال العرضيين، موضحاً أن دوره يقتصر فقط على توقيع الأجور بتفويض من رئيس الجماعة في الشؤون المالية. كما أشار إلى أن توقيع عقود عملهم كان يتم من طرف أحد النواب، رغم أن هذا النوع من التفويض يقتضي موافقة قانونية صريحة، وهو ما اعتُبر تجاوزاً لمقتضيات القانون التنظيمي للجماعات، ربما عن غير علم.
في ظل هذه الأجواء المتوترة، تحدثت مصادر من داخل حزب الأصالة والمعاصرة عن احتمال تقديم عبد اللطيف وهبي لاستقالته من رئاسة المجلس، مباشرة بعد حلوله بمدينة تارودانت أواخر شهر يوليوز تزامنا مع الاحتفال بذكرى عيد العرش المجيد، للتوقيع على حزمة مشاريع تنموية كبرى، بشراكة مع حوالي 16 قطاعاً وزارياً، تجاوزت قيمتها الإجمالية 3 مليار درهم، وبالتالي التزامه بما وعد به ساكنة الجماعة خلال الانتخابات، ووفق نفس المصادر، عبّر وهبي عن رغبته في إسناد الإشراف على تنفيذ هذه المشاريع ومتابعة صفقاتها لوزارة الداخلية، عبر عامل الإقليم، في خطوة يُفهم منها حرصه على ضمان فعالية التنفيذ وتجنيب المشاريع أي تأثيرات محلية محتملة.
كما أكدت المصادر أن وهبي لوّح، في لهجة صارمة، بإمكانية محاسبة كل من ثبت تورطه من نوابه في أي اختلالات أو تجاوزات خلال فترة التفويض، وهو ما قد يُمهّد لتغييرات جذرية في تركيبة المجلس خلال المرحلة المقبلة.
في المقابل، تسبب تداول الأنباء غير المؤكدة عن قرب مغادرة وهبي لرئاسة الجماعة داخل الأوساط الحزبية، في استنفار داخل الهياكل المحلية لحزب الأصالة والمعاصرة، حيث بدأ جناح يقوده الأمين الإقليمي والمحلي في الترتيب لمرحلة ما بعد وهبي، تحسباً لأي تغييرات في قيادة المجلس.
غير أن معطى قانونياً قد يعقّد هذا المسار، ويتمثل في كون الأمين المحلي لم يكن مرشحاً باسم الحزب خلال انتخابات 2021، بل خاضها بلائحة “لامنتمي”، قبل أن يلتحق لاحقاً بالتنظيم ويُنتخب كأمين محلي، ما يطرح علامات استفهام قانونية حول مدى أهليته لنيل تزكية الحزب لرئاسة المجلس.
وفي خضم هذه التطورات، تداول نشطاء محليون رسالة مفتوحة عبر تطبيق التراسل الفوري “واتساب”، منسوبة لعدد من مناضلي حزب الأصالة والمعاصرة، وُجّهت إلى عبد اللطيف وهبي. الرسالة، التي توصل بها موقع “برلمان.كوم”، عبّرت عن إشادة بمجهودات وهبي في جلب مشاريع غير مسبوقة للمدينة، لكنها في المقابل انتقدت أداء عدد من نوابه، متهمة بعضهم بتغليب المصالح الشخصية، وغياب التواصل مع المواطنين، والتسبب في تراجع صورة الحزب محلياً.
وسجلت الرسالة أن اجتماعاً دعا له الأمين المحلي قاطعه أغلب أعضاء الحزب، ما اعتُبر مؤشراً على وجود انقسام داخلي وفتور سياسي، كما دعت الرسالة وهبي إلى التدخل العاجل لإعادة ترتيب البيت الداخلي، والتهيئة للاستحقاقات المقبلة بروح موحدة، مطالبة بإبعاد كل من تحوم حولهم شكوك أو يُنظر إليهم كجزء من الأزمة الحالية، حسب تعبير أصحاب الرسالة.





