شخصيات صنعت التاريخ.. قصة “جان كوم” عامل النظافة الذي حوله تطبيق “واتس أب” إلى ملياردير

عديدة هي الشخصيات التي بصمت على مسار متميز في حياتها المهنية والخاصة، ونجحت في تقديم أعمال رائدة أو تحقيق إنجازات مهمة، نقلتها إلى عالم الشهرة وأدخلتها في قلوب الناس جيلا بعد جيل.
عبر هذه السلسلة الرمضانية، “شخصيات صنعت التاريخ” يغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عوالم شخصيات دونت اسمها في قائمة أفضل شخصيات العالم، وسنتوقف في حلقة اليوم عند شخصية “جان كوم” الطفل الأوكراني الفقير الذي تحول بعد الحرمان والجوع من منظف للمحلات إلى “ملك الدردشة” في العالم وتربع على عرش عظماء التكنولوجيا.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي كانت تمر بها أوكرانيا في عام1992، لم يجد “جان كوم” المراهق الأوكراني، أملًا في البقاء هو وأمه في بلدهما، فقررا الهجرة إلى الولايات المتحدة، وفيها بدأ “كوم” الإشتغال كعامل نظافة وأمه مربية أطفال.
ولد “جان كوم” في 24 فبراير 1976 في مدينة العاصمة الأوكرانية كييف، في سن الـ 16، لجأ كوم ووالدته إلى الولايات المتحدة الأميركية وأقاما في ولاية “كاليفورنيا”، وحصلا على شقة صغيرة من غرفتي نوم بفضل المساعدات الحكومية ولكن والده لم يتبعهما.
في طفولته كان “كوم” كثير الشغب في المدرسة ولكن عند بلوغه سن الـ 18 أبان اهتماما كبيرا بعالم التقنية وفكر في تعلم أمر آخر وتحسين وضعه، فكان تعلم البرمجة من اهتماماته، حيث استأجر الكتب اللازمة لعدم استطاعته شراءها، وعلّم نفسه بنفسه تقنيات البرمجة وشبكة الكمبيوتر.
خلال دراسته الجامعية عام 1996 بجامعة سان خوسيه ستيت، كان كوم يعمل في المساء حارساً لإحدى الشركات لتسديد نفقات دراسته وفي عام 1997، حصل على منصب في شركة “ياهو” مكلف بالدعاية عبر الإنترنت، توفي والده في نفس العام، وبعد ذلك بثلاث سنوات توفيت والدته جراء إصابتها بمرض السرطان، وأصبح وحيدا.
بعد وفاة والدته شعر “كوم” بالحزن والوحدة ولكنه سرعان ما تلقى الدعم من زميله في العمل “بريان أكتون”، وبعد سنوات ترك الصديقان العمل في شركة “ياهو” من أجل البحث عن فرص عمل أخرى أفضل.
وحاول “كوم” وزميله “بريان” الحصول على عمل في “فيسبوك”، لكن طلبهما قوبل بالرفض، وفكّر في تأسيس شركته الخاصة عام 2009، وانضم إليه “أكتون”، بعد الإخفاق في العثور على وظيفة مناسبة، اشترى “كوم” جهاز “آي فون” وبدأ مع صديقه في التفكير لإطلاق تطبيق مجاني للدردشة بحيث يكون أفضل من خدمة الرسائل النصية، حيث اعتكفا على تطوير التطبيق الجديد في منزلهما وفي المقاهي.

شرح “كوم” فكرة التطبيق لـ “أكتون” بحيث تظهر إشعارات بجانب الأرقام في سجل الهاتف، وستظهر تلك الإشعارات إذا كان الشخص صاحب الرقم متاح، كان “كوم” قادرا على برمجة العمليات الخلفية للتطبيق ولكنه احتاج إلى مطور تطبيقات آيفون، وقدم له صديقه مطور روسي كان قد وجده على أحد مواقع تطوير التطبيقات. وفعلا تم إنجاز التطبيق وفق تصور “كوم” وأطلق عليه اسم “واتس آب” والتي تعني “ما الجديد” التطبيق الذي كتب له النجاح منذ إطلاقه، فخلال 8 سنوات الأولى أصبحت شركة واتس اب من أكبر شركات العالم، وجمع التطبيق أزيد من مليار و200 مليون مستخدم.

نجاح “واتس اب” وإقبال مستعملي الإنترنت عليه لسهولته، دفع إدارة “فايسبوك” إلى التفكير في الاستحواذ عليه بمفاوضة “كوم” مدير شركة “واتس اب”، وهذا ما حدث بالفعل، في فبراير عام 2014 تمت صفقة استحواذ “فايسبوك” على واتساب بقيمة 19 مليار دولار، جعل هذا المبلغ ثروة جان كروم تبلغ 10 مليارات دولار، ليصبح الأوكراني الأصل صاحب الـ42 سنة من أثرياء العالم.
وتعد صفقة شركة “فيسبوك” مع “واتس آب” أغلى صفقة دفعتها الشركة لهذا التطبيق، إذ تجاوزت صفقة سكايب التي اشترتها مايكروسوفت بـ8.5 مليار دولار عام 2011.
ومنذ اقتنائها لتطبيق “واتس أب” قرر “فيسبوك” الإبقاء على تطبيق “واتس آب” مثل ما كان في السابق ولم تضف له خدمة الإعلانات، وجعلته خدمة منفصلة، مقارنة بما فعلته مع تطبيق “إنستغرام” الذي اشترته بمليار دولار.






