قروض تُرهن المستقبل ورؤية غائبة.. المعارضة تفضح تخبط مجلس جهة سوس في دورة استثنائية مثقلة بالالتزامات

عقد مجلس جهة سوس ماسة، اليوم الخميس 24 يوليوز 2025، أشغال دورته الاستثنائية بمقر ولاية الجهة، حيث تضمن جدول أعمال هذه الدورة، التي عرفت غياب بعض أعضاء المجلس، أربع نقاط محورية تمت دراستها والمصادقة عليها بالإجماع.
وقد شملت النقاط التي تمت المصادقة عليها اتفاقيات استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية والخدمات الاجتماعية بالجهة. من أبرز هذه المشاريع، اتفاقية خاصة بإنجاز مشاريع في قطاع الماء، وأخرى لإنجاز وتمويل مراكز لطمر وتثمين النفايات تمتد إلى غاية سنة 2034، كما تمت الموافقة على ملحق اتفاقية لبناء وتجهيز مركب جهوي لإيواء الفئات في وضعية صعبة، بالإضافة إلى المصادقة على طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي لدعم هذه المشاريع.
وخلال مداخلته، عرّى محمد أوريش، رئيس فريق العدالة والتنمية المنتمي للمعارضة بمجلس الجهة، الوضع الذي تتخبط فيه جهة سوس ماسة بسبب غياب رؤية استراتيجية لدى المجلس الحالي الذي يقوده التجمعي كريم أشنكلي، ما يعيق الجهة لتحقيق التنمية المنشودة، رغم أنها تضم أقاليم وعمالات تعيش ساكنتها التهميش والحرمان من أبسط شروط العيش الكريم. وزلزال الحوز عرّى الوجه الحقيقي للمغرب المنسي، خاصة بجبال إقليم تارودانت.
وأكد أوريش خلال مداخلته أن “انعقاد دورة استثنائية بعد أيام قليلة من دورة عادية، يفرض علينا التساؤل، هل نحترم فعلاً الزمن التنموي أم نهدره؟ هل نرشد فعلاً النفقات العمومية أم نضاعفها دون مبرر موضوعي؟”، مشيراً إلى أن “هذه الدورة، وإن كانت بطلب من والي الجهة كما يسمح به القانون، فإن جدول أعمالها يتضمن التزامات مالية ثقيلة وبعيدة المدى قد ترهن مستقبل الجهة لعقود مقبلة”.
وتابع قائلاً: “نحن أمام اتفاقيات مهمة من حيث المبدأ، لكنها خطيرة من حيث أثرها على استقلالية القرار الجهوي ومبدأ التدبير الحر، الذي يشكل أحد ركائز الجهوية المتقدمة كما نص عليه دستور 2011 والقانون التنظيمي للجهات”، مشدداً على أن “كل الاتفاقيات المعروضة اليوم تتجاوز أفق الولاية الانتدابية الحالية، بل وحتى أفق الولاية الحكومية، مما يُعد تجاوزاً مقلقاً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وخلال تعليقه على اتفاقية طلب القرض، شدد أوريش على أن “الجهة بصدد التورط في قرض جديد يُضاف إلى مديونية وصلت بالفعل إلى عتبة الإنذار”، مطالباً بـ”تقديم معطيات محدثة حول الوضع المالي، وإجمالي الدين الحالي، وقدرة الجهة على السداد، وتأثير هذه القروض على ميزانية البرمجة المستقبلية”.
وأكد أن “الاعتماد المكثف على القروض دون رؤية مالية واضحة أو تقييم شامل للمشاريع لا يُعد تخطيطاً استراتيجياً مسؤولاً، بل هو مجرد هروب إلى الأمام”.
أما بخصوص اتفاقية الماء، أوضح المتحدث أن “رغم أهمية المشاريع التي تتضمنها هذه الاتفاقية في مواجهة أزمة الماء المتفاقمة، إلا أننا نطرح سؤالاً مركزياً: أين هي الالتقائية مع البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب والماء المخصص للسقي 2020-2027؟ هل ننفذ جزءاً منه؟ أم نعيد تخطيط ما تم تخطيطه وطنياً دون تنسيق؟”، مضيفاً أن “كلفة هذه الاتفاقية، التي تتجاوز 70 مليار سنتيم، تفرض وقفة حقيقية لمراجعة الإمكانيات التمويلية للجهة”.
أما بخصوص اتفاقية المطارح وتثمين النفايات، فسجل رئيس فريق البيجيدي “غياب أي تقييم لمجهودات المجالس السابقة في هذا المجال”، متسائلاً: “أين هي المشاريع التي سبق أن صودق عليها؟ وما مصير المطرح الإقليمي لتارودانت الذي طال انتظاره؟”، قبل أن يؤكد أن “القفز نحو اتفاقية بهذا الحجم دون تقرير شامل حول ما تحقق وما لم يتحقق هو قفز في المجهول، وليس استمرارية مسؤولة”.
وبخصوص مشروع بناء وتجهيز المركب الجهوي لإيواء الفئات الهشة، قال إن “لا أحد ينكر البعد الإنساني لهذا المشروع، لكننا نسجل غموضاً في تدبيره المالي وغياب عرض واضح حول آليات الاستدامة والتسيير”، مبرزاً أن “تعدد الشركاء وتوزيع المسؤوليات يتطلب إشراكاً أوسع للجان المجلس لضمان المتابعة والمساءلة”.
وخلال تعقيبه على مداخلة أوريش، أكد كريم أشنكلي رئيس الجهة أنه احترام استمرارية المجالس السابقة، في إشارة إلى أنه يواصل نهج المجلس السابق في اللجوء إلى القروض من أجل الوفاء بالتزامات ما تزال معلقة، رغم أنها مدرجة ضمن برنامج التنمية الجهوية. غير أن هذه الالتزامات، التي لم تُنجز العديد منها بعد وظلت حبرًا على ورق، تحوّلت إلى ذريعة جاهزة لتعليق الفشل الحالي على شماعة المجلس السابق، وهو تعليل يفتقد للوجاهة السياسية، ما دام المجلس السابق نفسه كان يقوده حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يواصل اليوم قيادة الجهة منذ إحداثها.




