
عرفت المؤسسات التعليمية في الآونة الأخيرة وطيلة الموسم الدراسي تفشي ظاهرة العنف المدرسي بشكل واضح، وتناقلت وسائل الإعلام والمجتمع المغربي فكرة أن العنف أصبح يتضخم بشكل مرعب، وتم اعتقال التلاميذ الجانحين ومتابعتهم قضائيا، الأمر الذي جعل المقاربة الأمنية تطفو على السطح من جديد وتضعنا أمام سؤال هل المقاربة الأمنية هي الحل، أم أن المنظومة التعليمية بحاجة إلى آليات جديدة لإعادة مأسسة المعنى الحقيقي للبيداغوجية؟ بهذا الصدد يقول كريم سفير رئيس الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، “إن المقاربة الأمنية ضرورية لمواجهة العنف المدرسي، ولكن يلزم إسنادها بمقاربات تربوية”.
وأكد سفير في تصريح لـ”برلمان.كوم” أن “المقاربة الأمنية ضرورية جدا ولكن يلزم إسنادها بمقاربات تربوية وبإشراك جمعيات الآباء والأمهات، وتوظيف أخصائيين نفسيين واجتماعيين بالمؤسسات التعليمية، والقيام بحملات تحسيسية في الوسط المدرسي”.
ودعا سفير “الإعلام الذي لايزال موقفه موقف المتفرج على الأحداث والمتتبع لها عبر أشكال التسويق الرخيص والبحث عن الزبناء”، كما دعا “القراء والمشاهدين إلى المشاركة في المسؤولية التربوية ونشر روح المواطنة”.
وأوضح سفير أن “الانفعالات تقضي عليها انفعالات أقوى، والأفكار تقضي عليها أفكار أقوى، لذلك فإن العنف المدرسي وجبت مواجهته بكيفيتين متوازيتين، الأولى هي قوة القانون والثانية هي مواجهة فكر وبيئة العنف”.
وأكد سفير “أن هناك تساهلات مع التلاميذ الجانحين سواء في الوسط المدرسي أو في القضاء، كما أن الدولة لم تفكر لحد الآن في الموضوع بجدية، وكأنه أمر عاد أو طارئ، في حين أن الأمر خطير للغاية وصار بشكل واضح ظاهرة في تنام كبير، نظرا لأنها تلقى تشجيعا من الأسر والتلاميذ الذين يعتبرون أن عنف زملائهم مبرر بل ومشروع، وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام على نوع التربية التي يتلقونها في الأسرة والمدرسة”.
وتابع سفير حديثه بالقول، “لا ننسى أن العنف صار ثقافة في المجتمع، إذ أن وصوله إلى المدرسة لا يعد سوى من باب تحصيل الحاصل، فعندما يصرح التلاميذ (احنا بغينا غير النيفو باك ما بغيناش الباك) ما معنى هذا؟ معناه أن مجيئهم للمدرسة ليس من أجل التحصيل، بل فقط من أجل التسكع وقتل الوقت على حساب المدرس والمدرسة والتشويش على تلك الأقلية التي ترغب في الحصول على البكالوريا”.
وشدد سفير “أنه لا بد من تجريم العنف المدرسي وتأمين محيط المدرسة والتفكير في طرق للمراقبة حتى لا يتم إدخال الأسلحة البيضاء والأدوات الحادة إلى الفضاء المدرسي، والتعامل بكل صرامة مع كل السلوكيات العنيفة في المدرسة ومحيطها”.
وأشار سفير إلى أن “هناك تجارب في كندا لمقاربة الأمن حيث نجد الشرطة المدرسية، التي تتدخل في الحين عندما يدق الأستاذ جرس الإنذار كما أنهم يقومون بعزل هؤلاء الجانحين في مؤسسات خاصة بإعادة التأهيل حتى لا تؤثر سلوكياتهم على باقي زملائهم وحتى يكونوا عبرة للآخرين”.
وأضاف سفير، أننا “لم نعد في زمن آبائنا (انت ذبح وأنا نسلخ) بل صرنا في زمن الآباء والأمهات (انصر ابنك ظالما أو مظلوما) وهذه التحولات القيمية في المجتمع ترمي بثقلها على المدرسة في المقام الأول باعتبارها البيت الثاني للتلميذ”.





